كاتبة مبتدئة على أبواب الأربعين
ماذا يصيب كاتبة حين تنسى رأسها في المطبخ؟
ماالذي سينفجر لحظتها فيها، وهي لا تعتقد أن هناك علاقة مطلقة بين أسنانها غير البيضاء، وركوب زوجها لها قبل نوم الأولاد؟
هل هي بحاجة مثلا اٍلى بخاخ الصراصير، لكي تقتل به عناكب القلق؟ ، أم هي بحاجة اٍلى قارورة ويسكي لكي تفجر بها النسيان، فيصحو فيها الجنون؟
ماذا يصيب كاتبة على أبواب الأربعين، وهي لا تعرف أن اللغة خائنة كالرجال، والنساء تماما، وغائرة في الغموض كقطعة خبز مغمّسة في صلصة الدمع؟
حين تكتب الكاتبة العربية، لا تنسى بالضرورة العبور على جسر حياتها طولا وعرضا، فتذهب في الجمل، تفتك الحق والباطل، وتسحق عائلتها، ومجتمعها، وزوجها بشكل خاص... لماذا؟، لأنّه آخر مطباتها الأرضية التي لا تجد لها حلا مقنعا؟
أنا مثلا لست كاتبة، لكنّني أكتب حين لا أجد ما أقوم به في المطبخ أو في غرفة النّوم، أحيانا أزور نوادي الرقص، فأرقص مع رجل لا أعرفه، لكي أعرفه...ولكي أتأكد بعدها أن زوجي أقرب الرّجال اٍلى جنوني.
تقولون خائنة؟، سأرد: لا أعرف...لكنّني أعيش حياتي بجميع ألوانها، وأحيانا أهرب من نفاقكم لها، لأنّني لا أشبهكم لا في مطبخكم، ولا في غرف نومكم...طيب اتركوني أكمل فكرتي قبل أن تحترق.
لنتفق أن الكاتبة بعد الأربعين، تزداد ليونة، وتصير وداعتها تشبه المرآة، وتتحوّل الكتابة لديها اٍلى طفل تتعلق به، لكي تخفي من خلاله تجاعيد وجهها، لنتفق أنّها في سنها هذا ستتعلم جميع أصناف الخبث، لكي تحقق مآرب فجورها على نحو يمنحها راحة البال، لكن من جهة أخرى يوقض فيها الشيطان الأسئلة، وحينها لن تقنعها اجابات العالم كلّها، فتهتدي بعدها اٍلى أقرب مقص، لكي تقسّم به أفكارها اٍلى رجل وامرأة.
هذا ما أريد أن أصارحكم به، أنّني أعيش حالة انفصام في الشخصية، منذ الأربعين شمعة.
ماذا تقولون؟...عفوا لست أسمعكم...انّكم تتحدثون مرّة واحدة، فيصلني الكلام مختلطا...أوووف توقفوا...
سأضطر اٍلى اخراجكم من رأسي اٍذا تماديتم في الصراخ...اسكتوا...اسكتوا...دعوني أكتب محنتي الأربعينية قبل العام القادم، فلا أدري ماذا سيحدث حينها، أكره الأرقام الأحادية، لأنّها تذكرني بتحريم تعدد الأزواج في العالم...أوووف... عدتم للصراخ...انزلوها غير سالمين...اتفوه على هكذا رأس...ما به تعدد الأزواج؟ جرّبوا فقد نصلح حال العالم به.
ماذا قلت أنت؟...آ ..يا ابن الكلب.. ستلف شتيمتك، وستعود اٍليك، ألم أخرجك من رأسي ؟، كيف عدت؟...انزل... تنزل عليك نزلة برد.لو عاد زوجي من عمله قبل أن أكمل هذا النّص، سيحذفني من النافذة، فقد أخبرني أنّ الكتابة كممارسة الدعارة، لذتها تشترى بالمال، وبكثير من العلاقات، أنا لا أخاف منه، لكنّني أخاف عليه، اٍن أنا تحوّلت اٍلى رجل مثله في لامبلاته، سأضربه بقبضة يدي اليمنى، وبركلة شمالية عند الرقبة حتى يتوقف عن تحريكها يمينا وشمالا، رافضا تلبية طلباتي، التي يراها دائما خارجة عن القانون، كشراء كتب الأدب، وجهاز كومبيوتر جديد، بدل الجهاز الذي يشبه أنف عمّي عتروس، الذي يقال انه توفيّ وهو يضرب زوجته، لأنها اشترت من وراءه موزة...سأضطر يوما لسحق ما بين رجليه، حتى تهدأ أنوثتي.
يبدو أنّني سأتحوّل اٍلى كاتبة قريبا، بدليل أنّني أخّرت طبخ الغداء اٍلى ما بعد الظهر، وبدليل أنّني استلفت من جارتي جهازها لكي اكتب، وبدليل أنّني غيّرت لون شعري، وفتحت صفحة في الفايس بوك باٍسم مستعار وعليها صورة لي وأنا في العشرينات...أكيد شكلي كان مختلفا، فلن يتعرف علي حتى زوجي...
طيب ماذا قلت في الأخير... لا شيء...اعذروني فأنا مبتدئة في الخبر المرفوع، ومنصوبة في بيتي، ومجرورة من عمري، ومكسورة الخاطر...اطلبوا لي الهداية.
هامش اضطراري:
لو لم أكتب بعد أسبوع من الآن... بلغوا الشرطة، فقد يفكر زوجي بخنقي بربطة عنقه بعد قراءة هذا الدليل
____
سهيلة بورزق
التعليقات
الاسم: |
|
التاريخ: |
2023-05-03 22:14:00 |
|
ان ما تكتبيه هو الابداع لكنه يحتاج الى دفاعات قوية تحميك مما حولك لأنهم سوف لن تردعهم صيحتك تدعينهم للسكوت بل سيتنمرون ليكشفوا عن انيابهم الفاتلة . |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2016-04-07 19:39:56 |
|
كتابة راقية لكن لا يتطابق مع ما اعرفه انا فلطالما تعودت من امي هي سيدة البيت وهي الامر والناهي رغم من ان ابي هو سي سيد امامنا لكن امامها المحب الولهان الذي لا يرفض لها طلب ابدا وهذه هي شخصية المرأة الشرقيةوهذا هو العاشق المنفذ الذي هو ابي ... تحياتي لك |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2012-08-17 12:23:55 |
|
سلمت سيدتي وابدعت
موفقة انشاء الله |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2012-08-17 12:23:24 |
|
سهيلة بورزق
سلمت سيدتي دمت وابدعت
موفقة ان شاءالله |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2012-01-25 11:40:57 |
|
منذ بداية الخلق والانسان يفكّر في الطيران بنفسه حتى تبيّن له أنه يطلب المحال، ومنذ الأزل أيضا والمرأة تريد أن تتحوّل إلى رجل ولكنها ما كانت أكثر من " عيشة راجل" كما تقول العامة. الأستاذة سهيلة بورزق، يصبّ مقالها في هذا المجرى، ولكنها لم تكن المرأة الأولى التي تحسّرت على خلقها مقارنة بالرجل، حتى تمنت سحق ما بين رجليه لتهدأ أنوثتها.. والسؤال حتى متى تظل المرأة تندب حظها؟ وهل ستستطيع يوما أن تسحق "ما بين رجلي الرجل ...". وستتواصل صرخات "عيشة راجل" وسوف لن تكون في الختام لا "عيشة" ولا "راجل" |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2011-10-08 17:51:04 |
|
رغم أسلوبك الحاد أنا معجبة بقلمك الساخر من إزدوجية مجتمعنا العربي |
|
الاسم: |
دجلة احمد السماوي |
التاريخ: |
2011-06-21 13:33:10 |
|
الجميلة المبدعةسهيلة بورزق
الف تحية للابداع
دمت متألقة ياسهيلة دائما وحديقة من الورد لنصك الجميل |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2011-03-24 12:10:54 |
|
لك كل الود والتألق.. |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2011-03-16 04:41:17 |
|
الكاتبة سهيلة بورزق
استمتعتُ بقراءة مقالتك فهي رائعة , ومعبرة , اتمنى لكِ المزيد من التوفيق والنجاح ... |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2011-02-12 11:57:07 |
|
مقال جميل يغوص في تلافيف المجتمع العربي ..
الأديبة سهيلة بو رزق .. سعدتُ بقراءتك ..
شكراً لك / تحياتي |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2011-02-12 06:05:06 |
|
الاديبة سهيلة بورزق
نص متميز , في غاية الابداع .. سيل الاحزان الذي يصب من شلال يتدفق من اعذب عين... سلمت سيدتي وابدعت
موفقة انشاء الله |
|
الاسم: |
فراس حمودي الحربي |
التاريخ: |
2011-02-11 19:10:23 |
|
سهيلة بورزق
اعذروني فأنا مبتدئة في الخبر المرفوع، ومنصوبة في بيتي، ومجرورة من عمري، ومكسورة الخاطر...اطلبوا لي الهداية.
لك الرقي اختي النبيلة مع الود والامتنان
شكرا دمتم سالمين ياابناء النور
تحياتي الفراس الى الابد سفير النور للنوايا الحسنة |
|
الاسم: |
فراس حمودي الحربي |
التاريخ: |
2011-02-11 19:02:10 |
|
سهيلة بورزق
موضوع رائع من كاتبة لها وزنها وقلمها الحر لك الود والامتنان
شكرا دمتم سالمين ياابناء النور
تحياتي الفراس الى الابد سفير النور للنوايا الحسنة |
|
الاسم: |
علاء الصائغ |
التاريخ: |
2011-02-11 17:30:29 |
|
إطلالة مثيرة وجذابة وعميقة لك هنا أيتها الأديبة المتميزة سهيلة بورزق
حرفك الزاهي والساخر من آلامه أشجانا وأمتعنا
فتقبلي جل اعجابي وتقديري |
|
الاسم: |
|
التاريخ: |
2011-02-11 15:48:25 |
|
الاخت سهيله بورزق
لك مني التحية واتمنى لك العافية
الحاج عطا |
|