جامِعُو الجَماجِم
نحنُ الحفاةَ جامِعُو جَماجمَ طيّبونَ
سلالةُ قتلةٍ،..
لكنّنا أبرياءٌ
حينَ تميلونَ قُربَ صُدورِنا
لن تشمُّوا غيرَ رائحةِ الدُّخانِ
سَوفَ تُفزِعُكُم الحَرائقُ بالدّاخلِ
لا أحدٌ يريدُ أنْ يُصَدّقَ:
كنّا سُعَاةً للمحبةِ
خُدّامًا للحُبِّ
طائعينَ..
نَنبِضُ بحياةٍ رائعةٍ
زهيدةِ الثمنْ.
أتْلَفْنَا عددًا من الأصدقاءِ
والأيامِ
كي نتنفّسَ بِرِئَةٍ بَريئةِ من الماضي
رئةٍ بلا ذكرياتْ.
رأينَا الأحلامَ على النارِ
وسَمِعْنَا بجُوارِ اللهيبِ
لمّةً من التواريخِ
تضحكُ حولَ الشِّواءِ.
فعلْنَا ما يفعلُ البربريُّ عندَ الرحيلِ:
أحطْنَا آثارَ أقدامِنَا بالدّماءِ
وتدرّبْنَا في الطّريقِ
على صُنْعِ الضّحايا.
من بذُورِنا المُتْعَبَةِ
تنمو هياكلُ بشريةٍ
تسعَى بلا أرواحٍ.
جئنَا..
واحِدًا
واحِدًا
عُشْبَةً،
فحَصْوَةً...
إلى أنْ اكتملَ ما يشعلُ الحريقَ.
لم ينتبِهْ أحدٌ إلى الجروحِ
وهي تعزف الموسيقا
فرَسَمْنَا صورًا بألوانٍ وأحْجَامٍ مُختلفةٍ
لكنّ الجَميعَ يُمْعِنُونَ في خلفيةِ الصُّوَرِ
حيثُ تميلُ على العُشبِ شاةٌ منزوعةُ اللسانِ
كانتْ يومًا صديقةً للأنبياءِ
والسَّحَرةِ..
الجميعُ مأسُورونَ بالمرعَى القديمِ..
الآنَ انتهيتُ من إعداد كل شيء. وضَعتُ أطفالي في عِنايةِ حَضّناتٍ نَهِمَةٍ؛ ليُصبحُوا جَامِعي جماجمَ فطريينَ، أو بَرابِرةً خلفَ ماكيناتٍ حديثةٍ. على الشَّاشاتِ، يمكنهم ابتداعَ خُططٍ مفيدةٍ تُيَسِّرُ تَسليمَ الجماجمِ لهواةِ جمْعِهَا في البيوتِ، مع دليلٍ سَوفَ يشرحُ بوضوحٍ أمثل طريقةٍ لاسْتخدامِ الجماجمِ في تزيين حياتِكُم.
أدرِّبُ أطفالي أنْ يحرقُوا- كلَّ صباحٍ- حُزمةً من الشرايينِ واللغةِ. وفي المَساءِ.. تحتَ ضَوءِ شرورِ أعْيُنِهِم، بعْدَ أنْ أفْقَأَ فيهَا الشَّفَقَةَ؛ آكلُ ثديَ أمُّهِمُ الوديعةِ.. زوجَتي.. إنّني أُربِّيَ أطفالاً بأسنانٍ لا تَصْدَاُ أبدًا. في المُستقبلِ.. يستطيعونَ بِلا نَدمٍ أنْ يدبِّرُوا مِيتاتٍ أكثرَ جاذبيةً من حَياتِهِم.
..................................
من ديوان "عِطرٌ ميّتٌ".
حسن خضر
التعليقات