قارورة زيت
أدركت ان ثمة عينين ترقباني من وراء نسق حركي منظور، وفي الجوار تكاد تنفذ في حنايا الصخب الكائن. ثم تقع عيني على مسار البريق المأخوذ بي كالتوأم. تنزوي بعينيها بعيداً جاهدة ان تفر من وقع انعكاس البريق المتقاطع.
حركت رأسها محاولة ان تنهي صورة علقت في الذهن لكن الصخب المتزايد اعاد لها الالفة في ان تستسلم لحركة الانعكاس المقابل بلا مقاومة.
اطرقت ورغم النقاب الكائن، كنت إدرك أن حمرة خديها راحتا تذبحان على وتيرة واحدة وكأنها راحتا تتقطران ماء الحمرة أثر الخجل.
كنا نجلس على كرسي واحد ضيق في سيارة (الكية الصغيرة) أثارت دهشتي وصرت مجبولاً بها اتحرى حركاتها وسكناتها ولم يكن لي من هوة انفذ اليها غير العينين المتألقتين خلف نقابها المثير.
هي كتلة من السواد المثير تضيئه عينان مخيفتان سوداوان كأن البحر فيهما يطفو والمساء. كنت اغفو على هذا البحر، وحينما افيق تجدني اطقطق اصابعي بحثاً عن مخرج. ثم اتابع من خلل نافذة الزجاج المرئيات التي تترى وتتكسر صورها على الزجاج.
عبق مثير يدلف أنفي يشعرني بزمن قديم. عدت على اثره بصورة لطفولة جذلى، اذ كنا نقتطف ازهار وردة الجرس والياس والاقحوان. وانا احدق في الزجاجة التي ركعت من خلالها المرئيات سريعاً، انهمرت دموع على الخد الموجع بالذكريات. ترثى تلك الايام الحبلى بالوجد والحزن والعذاب وطاف بذاكرتي زمن الطوفان. حيث يترك الناس صرائفهم خاوية تحتظنها مياه الشط العظيم. ولم في الذاكرة غير جرح قديم وحزن لفقد عزيز صار في زمن الخلود.
الامس المقعد الذي نجلس عليه، كانت اناملي تتزلج تنزاح احرك الانامل من جديد فتفيض بلزوجة اكبر ارفع يدي مجبولاً بالخجل كنت أظن... أقرب اناملي صوب انفي اعرف ان الذي اشمه كان زيت العطر. الذي دلف انفي قبل قليل.
يسيل مسير الزيت صوبي بحاصرني دونما ان اشعر كنت اتربع فوقه كان البنطال يستقبل مسار الزيت، يعانق النسيج، البلل كان واضحاً أدركت انني اجلس على بقعة من الزيت..
حاولت ان اثير المرأة التي تجلس جواري، لمعرفة الامر، فقلت:
- عذراً سيدتي
قالت:
- ما الامر؟
قلت:
- الزيت
قالت:
- أي زيت؟
قلت:
- هذا الذي بات تحتي، الثياب مبللة كما ترين
حركت يدها بعصبية واضحة، كان مصدر البقعة من داخل ثيابها، فكت ازار الثوب الاسود الذي تضعه فوق الثياب، بانت بقعة الزيت على الثوب القصير، ثم راحت قطرات الزيت تتقطر من سروالي وقميصها صوب ارض السيارة، كانت قارورة الزيت قد أفرغت بكاملها. ثم ما لبثت تلك القارورة ان تزلجت ثم هوت، سمعنا صوت حطام لزجاج لزج معطر، فاح العطر كنا قد لهينا بازاحة الزيت عن ملابسنا قالت معتذرة:
- هل لديك زوجة؟
قلت:
- أجل... لكن...!!
قالت:
- أتريد أن اغسل ثيابك؟
قلت:
- لو كنا في عالم آخر!!
الدكتور ناصر الاسدي
التعليقات
|
حينما تهرب دمعة من بين اعيننا نعاجلها ببسمة خجلاً وجلاً خوفاً ، لا أدري لكننا أضعف من دمعة عرفت طريق خلاصها .. لن يقتلني البحر لأني احبك لن أضع الأصفاد على عيني أعرف طريق النور .. ... أجمل الأشياء ان تتعرف على الله في قلب إنسان يبكي لبكاء الأطفال يبحث عن الحب والأمل في قلب الزحمة .. مبعثرة أشياء العالم سيزيف يصرخ .. احمل عني الصخرة ويحملها .. قلب الإنسان ..!! |
|
|
شكرا لك يا اخي
لقد اخجلتني كلامتك بحق ابداعي المتواضع
نتمنى لك التوفيق |
|
|
زاوية الحلم البعيد
ها قد رحلتي الى نُهُر بعيدة حيث تصطف الشموس وتشيخ الظلال . . . تتدفق ضفائرك تسارع الرياح تسابق الاعصار تهطل مع المطر
ها قد رحلتي الى زاوية الحلم البعيد
اليك هذة القصيدة ايها المبدع وهكذا دوما عرفناك داوبا على الابداع حبي واحترامي واعتزازي
|
|
|
الشكر لك استاذي العزيز ....
وشكر لمرورك العطر |
|
|
حرفك معطر شكر لهذا الابداع |
|