السلفة الجمعية نموذج اقتصادي بسيط لتجاوز الأزمات المالية
عاش المواطن العراقي حالة الفقر والبؤس نتيجة لعدم وجود الضمانات الاجتماعية وانعدام خطط التنمية البشرية والاقتصادية وأن كنا ننسى فلن ننسى تلك الايام العجاف التي ذاق بها العراقيون اقسى انواع الجوع والحرمان فلا يجدون قوت يومهم في زمن الحصار وما يأكلوه لايمكن تصنيفه بحالة من الاحوال على انه صالح للاستهلاك البشري فكل شيء من ابخس الانواع كالطحين الاسود الذي يوزع في الحصة الغذائية وفق برنامج البطاقة التموينية (النفط مقابل الغذاء والدواء) فضلا عن باقي المواد الغذائية الاخرى اما القطاع الخاص (الاعمال الحرة) فلا تكاد تجني الكثير من الارباح فضلا عن الموظفين الذين يعملون برواتب قليلة لاتكفي سد احتياجاتهم كالشراء والتسوق و مصروف البيت وباقي امورهم الحياتية ونادرا ما يبقى الراتب الى الاسبوع الثاني فالتجأ الناس الى الجمعيات او السلف من اجل ادخار الاموال لشراء الحاجيات المنزلية او صرفها او تشغيلها بالتجارة .... الخ فالسلفة او الجمعية كما في بعض المناطق والبلدان هي نظام اقتصادي بسيط جدا وغالبا ما يدخل فيه الفقراء او محدودو الدخل هذا النظام له قواعد واسس تختلف بحسب الاتفاق في الدول العربية فيما عدا مصر والعراق غالبا ما يكون هذا النظام شهريا اي كل شهر يقتطع جزءا من المال ويتم تسليمه بحسب الترتيب اما في العراق ومصر فهذه الامور لا نجدها بسبب الحالة المادية القاسية والجميع يتنافس على الحصول على المراكز الاولى لتسليم المبلغ من جمع الاموال بنظام السلفة في العراق هذا البلد الذي يطفو على ابار النفط والخيرات لا نكاد نسير باي حي فقير او اسواق تجارية حتى نسمع دردشات الاخرين عن السلفة ومن الذي يقبضها هذه المرة في العراق تكون السلفة مختلفة فيتم اولا جمع المشتركين ومن ثم تحديد الملبغ الذي يدفعونه كل مدة ولتكن مثلا 10 ايام فيعني كل 10 ايام يستلم واحد منهم السلفة ويكون هناك نظام القرعة لتحديد المستلم للسلفة وغالبا ما يكون اول مستلم لها هو منظم السلفة وفي العهد السابق كانت السلفة مشهورة جدا على نطاق التجار بكافة مستوياتهم الاقتصادية يقول سلام رحمن( لقد اشترك بسلفة نظام الدفع فيها بالدولار وهذه مجازفة اذ كان الدولار بين الارتفاع والانخفاض وهناك من يدفع في اوقات الدفع والدولار مثلا ب2500 دينار ويقبض والدولار ب 2000 وهذه خسارة له فكان هذا النوع من السلف لا يدخله الا المغامرون بالبورصة والعارفون بالاحوال السياسية الاقتصادية ) . واما النساء فلا يختلف الامر عندهن كثيرا بل الصفة الغالبة على الفقيرات منهن هو اشتراكهن بالسلفة تقول ام زمن وهي منظمة للسلف في منطقتها( لقد عملت الكثير من السلف وشارك بها العديد من الرجال والنساء واستفاد منها الجميع بتمشية امورهم الحياتية). وهناك احدى المتسولات من اللواتي يقضين كل اليوم بالاستجداء طرقت بابنا طالبة العون وكان الوقت ظهرا (فترة الغداء) فدخلت الدار وقدمنا لها شيئا من الطعام .وحينما انتهت طلبت منا ان نعد لها واردها اليومي فكان مبلغا يقدر بحدود 169 الف دينار وكانت هذه المتسولة لاتعرف المبالغ النقدية فطلبت عزل العملات الصغيرة عن الكبيرة وحينما سألتها احد البنات التي قامت بمهمة عد النقود أجابت بانها مشتركة بسلفة قيمتها 50 الف دينار يوميا !!. واثناء دراستي بالاعدادية عملنا سلفة مع الفراشة (موظفة التنظيف) ودخل معنا بعض التدريسيين ولا تقتصر السلف على النقود كما تخبرنا ام حسين بل تعدت الى امور اخرى وام حسين من منظمات السلف داخل السوق الشعبي التي تبيع الخضار هناك قالت لنا ( من الطرائف انني عملت سلفة بالمواد الغذائية كل وحده منا تدفع كيلو دهن او كيلو سكر وتقبض تنكة دهن ووزنة سكر وهكذا ) ولم يتقصر الامر عند هذا الحد بل هناك سلف من نوع خاص بين الموظفات فقد عملت (ج ن) سلفة بين صديقاتها الموظفات وكلما تتزوج واحدة يكون الملبغ لها وحتى الصغار كان لهم دورهم بهذا المجال وغالبا ما تكون السلفة عندهم بالعملة الصغيرة وهي محاكاة لسلوك الكبار
محمد المترفي
التعليقات
الاسم: |
بشار سكر |
التاريخ: |
2012-02-19 23:32:34 |
|
موضوع مهم و معاصر جدا حيث ان ما نسميه سلفة يعد من اهم وسائل التنمية الاقتصادية على مستوى المستثمر الصغير. في هولندا الاميرة ماكسيما على عاتقها تنشيط مشاريع الاقتصاد المصغر microeconomy كوسيلة لمحاربة الفقر في البلدان النامية و ايضا المتقدمة حيثما يواجه المستثمر الصغير ضغوط السوق الناتجة من الاسثتمارات الجبارة من المؤسسات المتعددة الجنسيات |
|
|
الاخ العزيز محمد المترفي ======================== موضوع اكثر من رائع رجعتني لايام زمان انا اشتركت بعدة سلف عندما كنت موظفه في العراق وكنت كلما استلمهااذهب الى محل صياغه الذهب اشتري بها حاجة واعود للبيت وكنت مشتركه بسلفه يوميه ايضا وعندما استلمتها اشتريت محبس ذهب وهكذا
وبالنسبه للبطاقه التموينيه يامحمد كانت لاتنقطع عنا باشد قسوة الحصار كانت تصلنا حتى اذكر ايام الحرب اعطونا لستة اشهر للامام يجب علينا ان لاننكر الحال ولكن الان هل تصل اليكم كامله كالسابق ؟ هل هي افضل حال من السابق ؟ هل ها معلبات واجبان ودجاج كما وعدونا ؟رغم ان الموانيء مفتوحة والحصار زال ؟ اكتب عن واقع الحال الان ولانظل نحجي عن الماضي ماذا قدمت الحكومة الان للشباب العراقي من سلف واكراميات لتسهيل امور زواجهم ومعيشتهم
شوف الامارات ودول الخليج الذي احتياطي نفطنا اكثر منهم كيف يوفرون كل شيء لشبابهم من سلف وبالتقسيط المريح هل وفرت حكومتنا الان ذلك لشبابنا لانظل نلتفت للماضي علينا ان نعيش الحاضر ..
نامل ان تتعاون الحكومة مع شبابنا بتوفير السلف والسلع المعمرة ومفردات البطاقة التموينية كاملة مودتي وتقديري |
|