المسرح العراقي بين جهل المسؤولين ومحاولات الارتقاء
ابتليت الثقافة العراقية بقيادات حكومية تجهل اهمية الابداع وقيمة لغة الجمال لذا فكان الاعتماد على الجهود الفردية في انتاج المنجز المتحقق تحت قسوة الظروف
وغياب الدعم وفقدان الرعاية وانعدام الحماية للمشتغلين في الحقل الجمالي عموما
ويقع المسرح في قمة هرم الابداع المتحقق في سنوات الاحتطاب الطائفي
رغم شحة دور العرض والمخاوف من سلطة الاحزاب الدينية التي جاهرت باكثر من مناسبة بحرمة الاعمال المسرحية فصارت صعوبات تقديم العروض مظاعفة مع وجود رفض حكومي مبطن ومحاربة علنية للمسيطرين على الشارع العراقي من المتدينين طيلة السنوات الخمس التي اعقبت دخول القوات الامركية الى العراق
وفي ظل هذا المناخ ربما يمكن ان نصف اي نوع من الابداع المسرحي الذي قدم على خشبات المسرح بالنضال الفكري والتحدي الجمالي في مقارعة القوى الظلامية المتمثلة برافعي سيوف التعصب باسم الاسلام
لكن من الصعب ان نسمي كل ما قدم في السنوات التي خلت بالمبهر والتجديدي الذي استفاد من فسحة الحرية المتاحة لاسباب تتعلق بخشية المسرحين من ادانة الوضع الراهن او لابتعاد الكثيرمن المبدعيين
الى دول الجوارالاان ما هو متحقق يعطي صورة لمسرح عراقي جاد يحاول النهوض لا كما وصفه
احد القيادين في حزب ديني متنفذ في الحكومة الان معتبرا ان العراق لا يمتلك مسرحا متسائلا
عن منجز المسرحيين العراقيين ولعله تجاهل تاريخ المسرح العراقي وفترات نبوغه ومعطيات وجوده في المجتمع العراقي وسمعته الطيبة بين الاوساط الثقافية في المنطقة العربية
اذ قلما يخلو مهرجان او مسابقة مسرحية من ذكر العراق متوجا باحدى اهم جوائزه حتى في اقسى سنوات الحصار الاقتصادي ووجود النظام الشمولي العراقي حتى الوصول الى سنوات الفوضى بعد سقوط النظام السابق وسيطرة الاحزاب الدينية على مقاليد الحكم في العراق
وليس غريبا ان نرى هكذا تصريح من قيادي قي حزب السلطة الجديدة فالمتتبع للمشهد المسرحي
العراقي الحالي على دراية و يقين ببعد الحكومة وقيادتها عن حضور اي فعل ثقافي او جمالي لذا
فيمكن ان تفسركلمة القاها سياسي في حفل اقيم على خشبة المسرح الوطني واصفا المكان بغير الطاهر واعتقد ان هذا الراي هو جمعي يمثل تصور موحد للقيادات الاسلام السياسي في العراق
الا ان الرجل كان واضحا اكثر من الاخريين ومتجاوزا كل اشكال الكياسات المعتادة
لكن الغريب في الامر هو محاولة الحكومة الاخيرة لاظهار نوع من التقرب للمسرح في خطوات غير مدروسة اتت بعلامات استفهام اكثر من علامات الاعجاب المتوقعة في فترة التطاحن الانتخابي لانها تهدف ايضاح الجانب المشرق من وجوه الاحزاب اذ قامت رئاسة الوزراء بتكريم كادر مسرحية كومدية شعبية بمبالغ مالية والمسرحية كما هو معلوم عند اكثر المتتبعيين
تنتمي الى المسرح التسطيحي التهريجي البعيد عن تطلعات ومحولات المسرح الجاد ذات التاريخ المشرف وقد يكون هذا دليل اخر على الفقر المعرفي والثقافي عند القيادات الحكومية ففي الوقت الذي تقدم فيه الدعوات لاعمال عراقية مهمة للمشاركة في مهرجانت مسرحية رصينة ويتعذر على الفنانيين الذهاب لعدم وجود القدرة المالية تغدق الحكومة بالمكارم على انصاف الفنانين
وتنسى دوها في انعاش المسرح العراقي الجاد الحامل للرسالة الانسانية والفكرية والثورية
وهناك تجاهل مقصود لطلبات عشاق المسرح لترميم المسارح العراقية المهدمة منذ سنوات
رغم المبالغ التي هدرت بمهرجانات محلية دعائية بليدة وبسفرات المسؤولين في وزارة الثقافة للمشاركة في اسابيع ثقافية مخجلة
ويبدو ان هناك قصدية في اخماد شعلة التوهج الحضاري لمسرحنا وعلى الكل ان يعي مخاطر هذه القصدية
عماد جاسم
التعليقات