الذين فجروا مرقدي الإمامين ....نعرفهم
كلنا يعرف ما للمراقد الشيعية من قدسية عند أهلها ، وأهلها هنا ليس الشيعة حصراً ولا الشيعة والسنة فقط ، بل تتعدى هذه القدسية جميع طوائف المسلمين لتصل الى أبناء الديانات الأخرى ، والغبي من يتصور بأن يداً شيعية أو سنية أو مسيحية يمكن أن تجرؤ على الإستهتار بأي مكان مقدس ، ذلك لأن أي إنسان ، يمتلك أدنى أسس الإنتماء للإنسانية لا يمكنه أن يتطاول على مراقد الأولياء الذين يمثلون إرثاً إنسانياً يمتد مع مسيرة التأريخ كواحة من واحات استراحة الضمير، وعليه ، فالذين قاموا بتفجير الضريحين العسكريين المقدسين لا يمكن أن ينتموا الى الدين ، أي دين ، بأي شكل من الأشكال ، على الأقل لأن المتدينين يؤمنون بقدسية الأنبياء ، وبالتالي فهم يحترمون ورثة الأنبياء ، وبأقل مستويات الوعي والإدراك فالمتدين يؤمن بأنه ليس من حقه ، وليس له مسوغ شرعي في أن يعتدي على أملاك الآخرين ، والحصيلة إن الذي فجر الضريحين لا دين له .
أما غير المتدينين ، فرغم إنهم لا يدينون بنبي أو إله أو كتاب ، ولكنهم حتماً ينتمون الى مشهد من مشاهد الثقافة الإنسانية ، وأكيداً إنهم ينتمون للإنسانية ، ويشعرون بانتمائهم لمجتمعهم أو قبيلتهم أو فصيلتهم ، ورغم كونهم ملاحدة ، ألا إنهم يمتلكون ولو أبسط أسس الإنتماء للمجتمع ، ويتعاملون مع الإرث الإجتماعي أو الإرث الثقافي بشكل من أشكال الإحترام المتبادل ، ولذا فحتى الملاحدة لا يمكنهم - بالقدر الأدنى - أن يخرقوا انتمائهم للمجتمع ويقوموا بالإستهتار بالموروثات والمعتقدات والمتبنيات التي يحترمها الأعم الأغلب من أبناء مجتمعهم ، تمنعهم ثقافتهم عن ذلك ، أو تمنعهم أخلاقهم عن ذلك ، وعليه فالذي قام بتفجير المرقدين لا ثقافة عنده ولا أخلاق .
ولو تناسينا الدين والأخلاق والثقافة ، فبأقل تقدير يمكن للإنسان العاقل الواعي أن يمتنع عن الإعتداء على مقدسات الآخرين لأسباب قد تتعلق باحترام الآخر ، أو احترامه لنفسه ، أو شعوره بعبثية تفجير مكان يؤمه الآلاف من الناس ويحترمونه ، وربما اعتبره إرثاً أو موروثاً تراثياً بأقل تقدير ، وقد يمنعه الخوف من الفضيحة أن يقدم على عمل كهذا ، بحكم الإنتماء للوطن أو العشيرة أو القبيلة أو الفصيلة ، وهنا نعرف لإن من يقدم على عمل كهذا لا يمكن أن يكون منتمياً الى عشيرة أو عائلة شريفة ، وهو لا يحترم الآخر ولا يحترم نفسه .
نعم ، يمكن لأفراد يحملون صفات خاصة أن يقوموا بهذه الأعمال ، ويمتلكون مؤهلات نفسية وعقائدية تؤهلهم للإضطلاع بمهام كهذه وهي أشبه بشروط القبول ضمن صفوف المجرمين والعصابات ، وهي كالتالي :-
1- أن لا يكون منتمياً لدين أبداً ، أوأن يكون منتمياً لدين فاسد ، كالدين الذي أشار إليه القرآن حين قال للكافرين ( لكم دينكم ولي دين ) .
2- أن لا يكون منتمياً الى طائفة أو فرقة إسلامية أو مسيحية تؤمن بحقيقة الدين وأصله الإنساني ، أو أن يكون منتمياً الى طائفة أو فرقة فاسدة ، تتبنى مقولة ( إن عصاي هذه خير من رفات محمد ) وبالتالي فهو لا يحترم محمد ولا آل محمد ولا أصحاب محمد ، أوأن يكون من طائفة توارثت معتقداتها من متبنيات قتل الآخر وتغييبه وإصدار الفتوى الداعية للقتل والسبي والتشريد - ابن تيمية أنموذجاً - وأن يكون له تاريخ طويل في هدم قبور الأولياء ابتداءً من البقيع وانتهاءً بمحاولات هدم قبر أمير المؤمنين (ع).
3- أن لا يكون منتمياً لمنظمة أو تجمع إنساني يؤمن بفكرة التعايش بين أفراد المجتمع ، أو أن يكون منتمياً لمنظمة تضطلع بمهام مجاهدة بني البشر، ونشر الفساد في الأرض ، ولديها سجل حافل بالجرائم ضد العراقيين ،ومساعدة السلطة المقبورة في قمع انتفاضة المستضعفين ، ومن مصلحتها ( خلق ) الفتنة .
4- أن لا يكون منتمياً لحزب وطني ثوري يبحث عن حرية الإنسان ، أوأن يكون منتمياً الى حزب فاشي شوفيني يمتد عمقه في عالم الجريمة والمقابر الجماعية كامتداد جذور الفساد في الأرض - حزب البعث أنموذجاً - وأن يكون له تاريخ موغل بقصف أضرحة أهل البيت والأولياء الصالحين ، أو ترتسم في تاريخه دلائل استئصال الدين وأهل الدين كأمثال الشهيدين الصدرين والشيخ المجاهد عبد العزيز البدري.
5- وأخيراً ، ينبغي أن يكون منتمياً الى مدرسة من مدارس العصابات ، أو متطابقاً معها ، أو ممولاً لها ، كعصابات التكفيريين من ذوي الخبرات التفخيخية ، أو عصابات القتل والتهجير الطائفي كعصابة الكوكلوكس كلان المسيحية الإرهابية أو أعضاء الكنيسة التدبيرية - قيادات قوات الإحتلال إنموذجاً - أو عصابات الكاخ والبالماخ والشتيرن والآرغون والهاغاناه اليهودية ذات التاريخ الحافل بموروثات التهجير والقتل الجماعي - الموساد الصهيوني أنموذجاً - .
إن وجود هذه العوامل والمؤهلات تمنح الشخص صلاحية وقدرة وقابلية القيام بأي عمل خسيس ودنيئ ، ولا تحرك لديه وازعاً من ضمير أو دين أو أخلاق ، ولذا يمكن أن يكون أداة من أدوات العصابات التكفيرية التي تعمل ضمن أجندة المحتل في خلق فتنة طائفية تقلل من عدد العراقيين من جهة ، وتخضعهم نفسياً لقبول ما يمليه عليهم المحتل ، وبالتالي نخلص الى النتيجة التالية :-
إن من خطط لهذا العمل المتسافل هم أصحاب الأجندات القذرة من قوات الإحتلال والصهاينة ، ودفعوا لتنفيذها أدواتهم من عصابات التكفير والنواصب ، تدعمهم قوى الشر من البعثيين الصداميين المتباكين على ماضي الجريمة ، وبقليل من الوعي نؤمن بأن أخوتنا وأحبتنا وشركائنا في المحنة والوطن من أبناء السنة هم براء من هذه الأعمال القذرة براءة الذئب من دم يوسف ، والشيعة كذلك ، وكل من ينتمي الى الدين أو الوطن أو الإنسانية أو الثقافة أو الأخلاق أو العائلة الصالحة فهو برئ من هذا العمل .
الخطورة لا تكمن في تفجير قبة الإمامين العسكريين للمرة الثانية ، ولكن الخطورة تكمن في أن يدفع المحتل بشراذمه وعملائه وذيوله ليستهدفوا مساجد وجوامع أهل السنة ، وترمى الكرة في ملعب الشيعة ، وبذا يسجل أصحاب الأجندة الصهيو - أمريكية انتصاراً ثانياً في نفس المكان .
لقد تنبأ بها السيد مقتدى الصدر قبل أيام ،وفي لقائه عبر قناة ( العراقية ) بهذا المشهد حين قال (( كلما أطفأنا ناراً للفتنة أشعلها المحتل ، وكلما أشعلوا ناراً للحرب أطفأها الله )) ونبه الى إرهاصات فتنة جديدة سيشعلها المحتلون مجدداً ، وهاهي نار جديدة يشعلها المحتلون ، ومحاولة أخرى لإشعال جذوة الحرب الأهلية ينفخون حولها ، خصوصاً بعد أن بدأ السيد مقتدى الصدر خطواته الجديدة المباركة في إعادة اللحمة الوطنية ، وبعد أن استجاب لها الشرفاء من أبناء السنة والمسيحيين والشيعة ، وبدأنا نتنفس مستقبلاً أجمل .
ولكن ، لو توحد الشيعة والسنة وكل العراقيين ، فما هو مستقبل الإحتلال ؟؟؟
راسم المرواني
التعليقات