مفاهيم الدعاء (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) ج 8
أدب الدعاء عند الإمام السجاد ثقافة فكرية رفيعة الحكمة والبلاغة، والتأمل فيها من لغة ودلالة توصلنا حسب رأي سماحة السيد أحمد الصافي إلى أن أدعية السجاد عليه السلام تحتاج إلى وعي روحي يستوعب التفاعل، أي أن يكون الإنسان بسمات وروحية الإمام ع، أن نتقمص حسب تعبير سماحة السيد شخصية الإمام، إن نعيش فيها لحظات الدعاء أو تعيش فينا، وهذا التقمص سيجعلنا نتفاعل قلبيا وروحيا ونصل من خلال هذه الروحية إلى الاستجابة، سؤال يطرح بيننا دائما:
ـ كيف للإنسان أن يعيش بلا دعاء، ليس لكونه خطاب التماس للحوائج توجه من العبد إلى ربه، بل هو ركن أساسي في حياة الانسان،
الدعاء هو خروج عن دائرة المقدرة وطلب تهيئة الأسباب، فلا بد من وجود كل روحية الإنسان كل وجوده ولهذا يرى سماحة السيد الصافي أننا نحتاج إلى أن نتفاعل مع الدعاء، ونحتاج أن نستنطق الكلمات التي ذكرها الإمام عليه السلام، أي أن الإنسان عندما يخترع صياغة معينة للطلب قد لا يوفق إلى توأمة الكلمة بالصفة الإلهية والتأثير الحياتي للصلاة على محمد وآل محمد لذلك جاء الموضوع بعدة محاور مهمة للتأمل فيها
المحور الأول.. الآثار المهمة
يروي الأئمة عليهم السلام قضية مهمة لا بد أن تترسخ في ذهنية المؤمن، إن الأنبياء حين كانوا يتوسلون الله سبحانه كانوا يتوسلون بمحمد وآل محمد من أجل تسهيل الأمور، يقول أمير المؤمنين عليه السلام (بالصلاة تنالون الرحمة، فاكثروا من الصلاة على نبيكم وآله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (من قال صلى الله على محمد وآل محمد قال الله جل جلاله صلى الله عليك) فليكثر من ذلك
المحور الثاني.. المعرفة
تعني الاستدلال بما عرف من الأسماء والصفات على ما يفعل الفعل بمقتضى الاسم والصفة ليصل به إلى اليقين، ويصل به مرتبة الإحسان والمعرفة التي يقصدها سماحة السيد هي حقيقة الإيمان هي معرفة كيفية فتح باب الله، وكيفية الطرق عليه
المحور الثالث.. ارتباط الدعاء بالصلاة
تعد من الاسرار العجيبة هي قضية الترابط القوي بين الدعاء وحضور شخصية النبي صلى الله عليه وآله فيه، مجرد ذكرهم يساعد على فتح أبواب كثيرة من الرحمة جرى التنبيه على هذه القضية باعتبارها من رحمات الله سبحانه تعالى، يقع الولاء لرسول الله سبحانه في امتداد الولاء لله سبحانه
المحور الرابع.. أهمية الصلاة
برزت أهمية الصلاة من قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، ويقول رسول الله صلى الله عليه واله (الصلاة عليّ نور على الصراط) / سماحة السيد الصافي ركز على معنى بأن الإمام السجاد عليه السلام لا يذكر النبي لكونه من أجداده، قد يظن البعض أن القضية متعلقة بنسب، إنما يذكره لأنه مفتاح أسلوب مهم من أساليب التربية
المحور الخامس الدعاء المضمون الإجابة
ركز الكثير من العلماء على وجود علاقة بين الدعاء ومفاتيح الاستجابة، ويرى أولئك العلماء هناك من لا يحسن نشر الدعاء ولا يحسن السؤال وطلب الدعاء من الله سبحانه، سماحة السيد الصافي يستشهد في تشخيص الإمام الصادق عليه السلام في قوله عن الدعاء (لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي على محمد وآل محمد) الإمام عليه السلام يقول (من كانت له حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد، ثم يسأل حاجته ويختم بالصلاة على محمد وآل محمد)
على الإنسان أن يستفيد من هذه الرحمة في سبيل التقرب لله سبحانه، والاعتماد على دراسة مضمونية لنصوص الأدعية والبحث في سمة الانتماء المضموني إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام، والبناء الفكري الذي جعل الدعاء يصلح لكل زمان ومكان
المحور السادس.. محط الرغبات
التحليل الفكري للدعاء يجعلنا نتأمل في المضامين يقول الإمام السجاد عليه السلام (ولا تعرض عني وقد أقبلت إليك) الإعراض هنا في البعد التفسيري، إلى التصوير لحالات الإعراض، إذا أعرض الله عن العبد فأن العبد لو أجمع كل قوته فهو لا ينفعه أبدا
سماحة السيد الصافي يتفحص كل مفردة دعائية وضرورة معرفة الإنسان لأهمية الدعاء، الله سبحانه تعالى ليس من صفاته الإعراض، هنا يأتي سؤال سماحة السيد الصافي لماذا يطلب الإمام ألا يعرض عنه؟
وهو الله سبحانه تعالى لا يعرض عن أحد، ينظر العلماء إلى أن الدعاء هو نزوع فكري وتأمل ارتفاع بالنفس حول الله سبحانه كفعل محبة، وعبادة لمن منحنا الحياة، استغراق الوعي في الله سبحانه والرجوع إليه (إنا لله وإنا راجعون إليه) يخيل للإنسان إن الرجوع إليه بعظيم ما يحمل من ذنوب إن الله تعالى قد يعرض عنه وهو مؤمن إن الإعراض ليس من صفاته تعالى، قيمة الفكرة المعروضة هل الله سبحانه يفرح بعقوبة إنسان؟
طبعا سيكون الجواب إن الله يفرح لتوبة الإنسان والسبب إن الله تعالى لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه، والله سبحانه لا يريد للعبد أن
ينتهي به المصير إلى السوء، والدليل إن الله تعالى فتح أبواب الحسنة بعشرة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، تؤدي هذه النتيجة إلى أكثر من ومضة فكرية
الأولى/ إن ذكر الصلاة على محمد وآل محمد من الوسائل التي تؤدي إلى الاستجابة.
الثانية/ ليس من صفات الله الإعراض لذلك ابتدأ بها الإمام ولا تعرض عني، أي أن العبد وصل إلى أنه استوجب الإعراض، فيتوسل ويرجو الله ألا يعرض عنه.
الثالثة/ الإقبال عليه بإرادة واختيار وعن بصيرة يجيء الإنسان إلى الله تعالى لأنه مورد كل خير.
علي حسين الخباز
التعليقات