أَإِلَى رَمْسِهَا .. زُفَّتْ سَمِيرَامِيسْ؟
سُيُولٌ عَارِمَةٌ
تَـــنْـــسَـــابُ .. تَــتَـــدَفَّـــقُ
مِنْ مَنَابِعِكَ فُرَاتُ
وَهَا نَهْرُكَ .. يَفِيضُ بِسَمَكَتَيْنِ
تَدْفَعَانِ إِلَى ضِفَّتِكْ
بَيْضَةً تَطْفُو!
قَالَتْ:
يَا الْحَمَائِمُ الزَّاجِلَةْ
اِهْبِطِي .. مِنْ عَلْيَائِكِ
اِحْتَضِنِي .. بَيْضَةً مُشَرَّدَةْ
بَعِيــدًا بعيـدًا
عَنْ مَجْرَى الدَّمِ
وَارْقُـدِي عَـلَـيْـهَـا
لِـتَـفْــقِـسَ سَـلَامَــا..!
قَالَ:
وَكُنْتِ .. طِفْلَةً مُشْرِقَةً
يَمْرَحُ الْبَدْرُ فِي مُحَيَّاهَا
بِعَيْنَيْنِ تَسْكُنُهُمَا الشَّمْسُ
تَفِيضَانِ مَجْدًا وَنُورَا
بِشَفَتَيْن نَدِيَّتَيْنِ
كَتُحْفَةٍ قُرْمُزِيَّةٍ .. تُشِعَّانِ حُبُورَا
وَكَحَمَامِ الْأَيْكِ .. أَسْرَابُها تُطَوِّقُكِ
بِأَجْنِحتِـهَـا تَحُفُّــكِ
وَلَا تَـبْـرَحُكِ
أَتَرُدُّ عَنْكِ حَرَّ النَّهَارِ
وبَرْدَ اللَّيْلِ؟
أَتَـغْبِطُكِ؟
قَالَتْ:
ها أَنَا ذي
تَحْتَ ظِلِّ اللهِ وَعَرْشِهْ
فِي خِيَامِ اللُّؤْلُؤِ .. تَحُطُّ الْحَمَائِمْ
بِمَنَاقِيرِهَا .. تَحْمِلُ قُوتِي
مِنْ جُبْنٍ .. وَحَلِيبِ رُعَاةْ!
لكِنْ رَاعَهُ الْحَالُ..
فَمَا لِلْجُبْنِ مَنْقُورٌ؟
وَمَا لِلْحَلِيبِ مَنْقُوصٌ؟
فَلْأتَتَبَّعِ الْحَمَائِمَ الْبِيضَ
وَلْأَبِعْ أُسْطُورَةَ الْجَمَالْ .. فِي مَوْسِمِ الزَّوَاجْ!
وَاسْتَنْجَدَتْ:
أَتُرَاها الْحَمَامَةُ سَمِيرَامِيس
فِي سُوق نينوى تَمِيسُ!؟
أَطِفْلَةٌ مُطَهَّمَةٌ .. يَنْتَقِيهَا شَابٌّ خلِيلَةْ؟
أَكَهْلٌ يَرْعَى وَرْدِيَّةَ الْخُدُودِ.. لِابْنِهِ حَلِيلَةْ؟
مَنْ يُسَاوِمُ عَلَى ثَمَنِي؟
مَنْ يُغَالِي عَلَى شَرَفِي؟
قَالَ:
هَا الْعَقِيم سِيمَا؛ نَاظِرُ مَرَابِطِ خُيُولِ الْمَلِكِ
يَتَنَهَّدُ الْفَرَجُ لَهُ .. أَيُفْرِحُ بِكِ زَوْجَهْ!؟
وَبِرَهَافَةِ دُورِيٍّ .. تَكْبُرُ الطُّفُولَةُ مَعَكِ وَبِكِ
وَفِي مُحَيَّاكِ يَفُوحَ الْفَرَحُ
كَمُهْرَةٍ .. تَسْتَدِيرُ بِكِ الْبَرَاءَةُ
نَضِرَةً .. شَهِيَّةً .. تَنْسَابُ أُنُوثَتُكِ
شَفَّافَةً .. غَامِضَةً .. لَيِّنَةً عَصِيَّةً
كَأَجْمَلِ مَا تَكُونُهُ الْحُورِيَّاتْ!
أَنَّى لِمُسْتَشَارِ الْمَلِكِ أُونُسْ
لَا يَصْعَقُهُ جَمَالُكِ؟
قَالَتْ:
وَاتَّــــكَــــــأْنَـــــا عَلَى زَفَافٍ
خَصْبِ السَّعَادَةْ
نَـمْـتَـشِـقُ الْفَرَحَ بِطِفْلَيْنِ؛
"هِيفَاتَة" وَ "هِيدَاسْغَة"
صَرَخَ:
لكِنَّ مَلِكَ نِينَوَى .. يَأْبَى إِلَّا
أَنْ يَقْتَطِفَ مِفْتَاحَ الْكَنْزِ
فِي بِلَادِ الْوَغَى .. مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ!
وَاقْتَرَحَتْ:
أَبِكْتْرَا صَامِدَةٌ .. عَصِيَّةُ الاسْتِيلَاءْ؟!
إِنْ تُرْسِلْ جُنْدًا إلى
شَاهِقٍ دُونَ السَّمَاءْ
وَتَــــ~لْـــ~تَـــــ~فَّ
حَـوْلَ
خَاصِرَةِ الْعَدُوِّ الْمُدَافِعْ
تَغْدُ بِكْتْرَا
تَحْتَ رَايَةِ مَجْدِكَ الْبَيْضَاءِ
فَلَا تَتَحَدَّرُ قُلُوبٌ
وَلَا تَفِيضُ مَدَامِعْ!
صَاحَ مُحذِّرَا:
هَا الْمَلِكُ نِينُوسْ
يَتَسَلَّقُ حِبَالَ الْهَوَا
وَقَدْ خَلَبْتِ لُبَّهُ
أَقَـلْبُهُ الْـجَـرِيحُ
يَـسْتَسْلِمُ لِلْهَـوَى؟
قال:
أَيَا أُسْطُورَةَ الْحِكْمَةِ .. وَالْجَمَالِ الْفَتَّانِ
بِمُحَيَّاكِ الْمُشْرِقِ الْبَاشِّ
تُـسْحِرِينَنِي
برُمُوشِكِ الْكَثِيفَةِ
تَرْمِينَنِي .. وَتأْسُـرِيـنَـنِي
غَدَوْتُ فِي صَبْوَةٍ
وَأَنْتِ تَـرْتَعِينَ .. بَيْنَ خِلْبِي وَكَبِدِي
أَتَكُونِينَ لِي زَوْجَةً؟
أَتَكُونِينَ لِي مَلِكَةً .. لَا سَحَابًا خُلَّبَا؟
أَيَا أُونُس .. لَكَ فِلْذَاتُ كَبِدِكْ
وَلِي .. قَرِيـنَتُكْ
فَلَا أَقْلَعُ عَيْنَيْكْ!
قَالَتْ:
إِلَى عَرْشِ مَمْلَكَةِ نِينَوَى
بِلَادُ الرَّافِدَيْنِ .. زَفَّتْ سَمِيرَامِيسْ
وَإِلَى الرَّمْسِ
نَعَفَتْ أونُس الْمُنْتَحِرْ!
أَمَا رَمَسَتِ الرِّيَاحُ الْأَثَرْ!؟
مِن كِتَاب الرّسّائِلِ (أَتُخَلِّدُني نَوَارِسُ دَهْشَتِك)، عام 2018، وهيب وهبة وآمال عوّاد رضوان، يليها ردٌّ قادم!
امال عواد رضوان
التعليقات