فاقد الأهل والوطن
جميعهم رحلوا إلا أنا بَقيتُ أراقب الطريق ، الماره والجالسين في المقاهي، والعشاق على ضفافِ البحر، جميعهم رحلوا ولوحوا بأيدهم علامة الوداع، إلا أنا بَقيتُ أصارع الغربة على آهاتِ الألم والمرض ولا أملكُ ثمنَ عُلبةَ دواء ، أعيش القلق المفرط كـ إنسان غريب كُتب عليه أن يعيش بلا وطن، بلا هدف، لإني أصبحت بلا ثمن، أيا ترى يا امي كُتب عليه من يوم مولدي أن أموت بلا كفن؟ أيا ترى يا أمي كُتبْ عليه من يومِ مولدي أن أعيش غريب فاقد الأهل والوطن؟ رحلوا من كُنت أختبئ خلفهم يوم البرد ويوم العدم، تركوني وحيداً بلا أمل، قد سحقوا تاريخاً مضى ومزقوا جميع الصور.
ذهبتُ بعيداً سيراً على الأقدام، متأملاً زخات المطر لتبلل جسدي المتعب وعقلي المُنهك من التفكير، جلستُ وحيداً على ضفافِ البحر، فبكيتُ أتعلمون ما معنى البكاء خارج حدود الوطن، أحباط، يأس، ندم، مهما كان متعة ولذة الغربة فهي سجن لا تعلم كم الحكم يطول بين المؤبد والأعدام، فالجلوس على ضفاف نهر بلدك مع صديق تبدد كل آلام الغربة القاتلة، رحلوا صدقاً رحلوا ولا أظنهم يتوقون للعودة، تركوني وحيداً محملاً بلسعة برد الشتاء ولهيب الحر، رحلوا وتركوني بلا وطن، بلا هدف، لإني أصبحت بلا ثمن.
حاولوا يجردوني من إنسانيتي وأتهموني بحُب الوطن، وأشاروا بأصابعهم أني خنت الوطن، إذا كان حُب الوطن خيانة فأهلاً بكل خائن بحُب الوطن، سلبوني حريتي وحرقوا تأريخي وطمسوا كل شهاداتي وحرقوا ذكرياتي، فحكموا عليهَ غيابياً بتهمة حُب الوطن، فأصبحتُ غريب الأهل والدار بلا مأوى ولا خيمة تحميني من هولِ المطر، عودوا هنا يا أهلي فبدونكم مجرد إنسان أعيش في عدم، عودوا هنا كم شهراً كم عاماً يكفيكم البعد، وماذنبي انا إذا عشقت الوطن؟
سلام المهندس
التعليقات