من المسؤول عن تأجيل الانتخابات المبكرة
يتردد في وسائل الإعلام والتواصل والاجتماعي بوجود جهة أو أكثر هي من تعرقل إجراء الانتخابات المبكرة لكن عندما ندقق بعمق سنجد أن الكل مسؤول وكل من موقعه وسأعرج على مسؤولية كل الشركاء في العملية السياسية {السلطة التشريعية / السلطة التنفيذية/ مفوضية الانتخابات/ الأحزاب السياسية/ المنظمات الدولية/ المنظمات المحلية/ المانحون/ السلطة القضائية/ الناخبون}.
ولإيضاح الأمر نوجزه بالنقاط التالية:-
1. الانتخابات المبكرة في دول العالم الديمقراطي لها فترة محدودة قد لا تتجاوز الشهرين وعندنا سنتين وقد لا تحدث نطالب بمتناقضات كثيرة نطالب بانتخابات مبكرة وتغيير القانون الانتخابي وتغيير مفوضية الانتخابات .. الخ، ودول كاستراليا تجرى بمدة 36 يوم لا تتأخر يوم واحد أو حتى ساعات.
2. هناك اعتراضات خجولة من بعض السياسين ولكن لن ترتقي إلى مستوى الجديّة وإقناع الاخرين سواءً بإقرار الانتخابات أو تأجيلها.
3. المفروض قبل أن يطالب أي طرف أو يوافق على إجراء الانتخابات المبكرة أن يكون لديه قانون ناجز واضح متكامل مقبول وفيه كثير من المعايير الدولية. اما أن يطالب بانتخابات مبكرة ويتزامن معها مطالب بتغير القانون والمفوضية وحل مجلس النواب فهذه مطالب متناقضة وتعقد انجاز الانتخابات المبكرة.
4. كل ما جرى بسبب مطالب متظاهري تشرين ولكن مؤلم أن نقول إن المطالب كانت قد استغلت من أصحاب القرار، وإنها لم تكن مدروسة بشكل كامل أو موحدة فمثلا كانت هناك مطالب بانتخابات مبكرة وبنفس الوقت مطالب بحل المفوضية ومجلس النواب والحكومة وتعديل القانون الانتخابي ،، واستجابت السلطة التشريعية بحل الكادر المتقدم للمفوضية وإقرار قانون جديد وتحديد موعد واستبدال الحكومة ... الخ. لكن كل ذلك عقد الأمر وكان سبب بتأخير الانتخابات المبكرة.
5. وجود منظمات دولية وعلى رأسها الأمم المتحدة لم نجد منها تقارير مفصلة حول كل العقبات السياسية والأمنية والاشكالات الفنية والقانونية كان المفروض أن يكون لها رأي بكل ما جرى من حل المفوضية وتغيير قانونها وقانون الانتخابات المليء بالثغرات ولو كان للمنظمات الدولية تقارير وتصريحات حول القانون لما وصلنا إلى اقتراب الموعد المحدد ولم نجد جهوزية لتنفيذ هذا القانون ومن معظم أطراف العملية السياسية.
6. عندما يصدر من رئاسة الجمهورية مسودة قانون انتخابي ويصدر قانون آخر مغاير من مجلس الوزراء وتبدأ السلطة التشريعية بإعداد قانون انتخابي بمعزل عن الجميع حتما سيشرع قانون لا يرضي الأغلبية وأما ثغراته فلا يمكن انجاز انتخابات حرة نزيه دون تعديلها.
7. لم نجد أي حزب أو ائتلاف أعطى تقرير مفصل حول رأيه بموضوع الاستعداد الكامل مع إدلاء ملاحظاته المهنية والاشكالات السياسية والأمنية لإنجاز الانتخابات المبكرة أو غير المبكرة. فالأغلبية بين صمت أو موافقة بدون دراسة.
8. عندما يتقاذف شركاء العملية السياسية اللوم والعتاب ويريد أحدهم أن يرمي الكرة بملعب الآخر كل هذا يؤكد بأن هناك إشكالات لا يحلها طرف واحد ولا تحل إلا بكسر الفجوة وتعاون كل شركاء العملية السياسية لانضاج القانون بشكل منصف وقابل للتطبيق وتهيئة كل الأجواء الأمنية والسياسية.
9. سيقترب الموعد الجديد ولم نجد أي إنجاز يذكر في تعديلات القانونية أو تعاون سياسي أمني ولم يأخذ كل طرف أو مؤسسة دورها في التهيئة والاستعداد وتعود الأصوات المطالبة بالتأجيل وقد تكون هي من ترغب بكل ذلك وتسوّف أي إنجاز لقيام الانتخابات المبكرة.
10. لا انتخابات مبكرة إلا بحل البرلمان واكمال أو تعديل قانون المحكمة الاتحادية وحتى الانتخابات في موعدها الدستوري في العام القادم يحتاج إلى نصاب مكتمل للمحكمة الاتحادية وهذا ما لم نجده، سوى تصريحات بين فترة وأخرى دون اجماع يلبي إقرار القانون وتشكل المحكمة المختصة بالمصادقة على نتائج الانتخابات البرلمانية.
11. عندما نريد أن نعدد العقبات التي تحول دون انجاز الانتخابات نجدها لا حصر لها وتتفاقم لسببين (ضيق الوقت / والفجوة الكبيرة بين شركاء العملية السياسية وعدم وجود تعاون منجز بينهم بل قد نراه تضاد)، نأمل بتعزيز التعاون وأن تتبنى جهة رسمية كالرئاسات أو منظمة دولية كالأُمم المتحدة تتبنى موضوع تعزيز التعاون وجمع كل الآراء والمقترحات وإنجازها بفترة زمنية مجدولة بتوقيتات محددة يمكن إنجاز الانتخابات بعدها.
رغم أني لم أعرج على أي عقدة تحول دون إنجاز الانتخابات لأني ذكرت ذلك مراراً وفي عدة أوراق سابقاً واليوم وبعد التأجيل الرسمي من مجلس الوزراء وتحديد موعد جديد وبقاء كل الإشكالات عالقة دون أي حراك يذكر سوى تصريحات إعلامية لا ترتقي إلى مستوى نتجاوز عقبات انجاز انتخابات حرة نزيهة شفافة بمعايير دولية كما طالب اجتماع أيلول من العام الماضي للرئاسات مع زعماء الكتل السياسية ولم نجد أي ورقة من أي منهم لتحديد العقبات وطرق تجاوزها وتعاونهم جميعاً لإنجاز الانتخابات المبكرة أو حسب الاستحقاقات الدستورية.
أخيراً الكل مسؤول ولا انتخابات دون كسر الجمود وإصلاح الخلل وتعاون الشركاء فمتى بدأ ذلك بدأ العد التنازلي لإنجاز الانتخابات وإن لا فلا. فتحديد المواعيد أو تأجيلها ليست هي الحل.
سعد الراوي
التعليقات