هكذا تزرع بذرة الأنسان
تتوسط باحة بيتنا الشرقي شجرة نارنج عملاقة تأوي اليها العصافير عند الغروب وهي تزقزق وكأنها ترشد الآخرين الى مكان هذه الشجرة وتعاود زقزقاتها عند مطلع الفجر ، كانت أمي تقول :انها تصلي صلاة الفجر .
العصافير تنام آمنة على اغصان شجرة بيتنا فلاشيء يعكر مزاجها او يفسد عليها نومها الهاديء .
في موسم الربيع تبني العصافير اعشاشها فوق تلك الشجرة او تتخذ من اعلى الشبابيك عشا لها واحيانا تخبئ البيض في ثنايا شق في سقف او جدار احدثه تقادم السنين .
ذات يوم سقط عصفور صغير في اول محاولة له على الطيران وكأي طفل اسرعت و امسكت به وكانت فرحتي كبيرة وانا القي القبض عليه. كانت امي تنظر الي فقالت : تقبل واحد ياخذك من امك ؟ ، فقلت لها ، لع طبعا ما اقبل !. فقالت : هذا العصغور هم مثلك عندة ام ويريد يروح الامه ! شوف هاي امه خطية كتلت نفسها عليه تريد ابنها ! خطية امه تريد اتعلمه على الطيران مثل ما علمتك على المشي . اطلقت سراح العصفور فسقط غير بعيد وعلى مقربة منه حلقت امه تحفزه على الطيران ، كنت ارقب ذلك العصفور وارى امه تقترب منه فتضع في فمه قبله وكأنها جرعة منشطة يقوى بها على الطيران . حلقت الام الى ذلك الغصن المتدلي فاستجمع العصفور الصغير قواه وحلق الى جنب امه وضعت في فمه قبلة وطارت الى غصن اعلى وتبعها العصفور الصغير ثم طارت الى اعلى فاعلى و صغيرها يتبعها حتى عاد الى عشه .
منذ ذلك اليوم عرفت بأن للعصافير امهات مثلنا ينتظرون عودة ابنائهم بفارغ الصبر.
وهكذا تعودت ان اعيد صغار العصافير الى اعشاشها او الى ذلك الغصن المتدلي ليعاود رحلة الطيران .
لم تك العصافير وحدها من تأمن في بيتنا فعلى شناشيل شبابيك بيتنا عشش الحمام و في الجانب الاخر من شباك غرفتي كانت الفخاتي تنام مع صغارها وفي كل موسم يعاود السنونو او طائر السند وهند ليبتني عشا له فوق مروحة بيتنا فيحرمنا من تشغيلها ونتجرع حر الصيف لئلا يسقط عشه .
كنت احمل ما زاد من الطعام فانثره للطيور وكانت تقترب مني لأنها ادركت ان في داخلي بذرة أنسان .
لؤي زهرة
التعليقات
الاسم: |
لؤي زهره |
التاريخ: |
2020-06-06 13:17:14 |
|
شكرا لك صديقي علي الاسدي |
|
|
استاذ لؤي كاتب مبدع ومتألق ويتحفنا بطرحه الشيق ودائما كتاباته متنوعه |
|