الإمام (علي) ضمير الرواية العربية
لا ريب يجسد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثورة حقيقية في الشكل والمضمون الإنساني القائم علي الحوار الضمني بكل ملامح وسمات الفتى القريشي ابن القبيلة العربية ذو الأهداف الفكرية والتأملية والإنسانية المتجذرة في الموهبة والإبداع الفطري الذي جعل منه فتى الإسلام الأول بلا منازع في رحلة صعوده منذ نعومة أظافره حتى كتب على جبين الأمة الإسلامية وغيرها من الأمم أعمق فلسفات الحكمة والقوة والفداء بل تألق خارج حدود الفكر التقليدي في عصره برحابة صدر وشفافية روائي عالمي امتلك مفاتيح الحنكة والتسامح والقوة البصرية والجسدية والنفسية التي سبقت علم النفس على يد مؤسسه فرويد النمساوي بقرون عديدة في فهم الآخر!
بل ترك رسائل عديدة من المعاني التي تزداد بيننا يوما بعد يوم ضياء وعبيرا نلتحف به في رحلة كل أسفارنا اليومية والقدرية والتي ترسم حلما له خطوط عريضة وضمير لا تغريه ولم تغره كل كنوز العالم !!
وقد قال المصطفى محمد عليه أفضل صلاة وسلام (أنا مدينة العلم وعلي بابها) في سياق من رواية تنبض بكل آيات الصدق في شخص علي كرم الله وجهه والذي أنبرى منه المعنى الذي يكتب على أبواب الإنسانية ألف حكاية ورواية تؤكد فطنته في كل أطوار حياته التي لم تفتتن بمغرياتها وجاهها وسلطانها وعزها والتي هي بالفعل أعمق رواية ربما عرفها التاريخ الإنساني !!
ونعيش في رواية علي بن أبي طالب بكل مشاعر تشتاق إلى المعنى الذي يبصرنا في ألفيتنا الثالثة والتي هي ألفية رقمية تجلت فيها كل صور العولمة التي منحتنا من وسائطها الرقمية وعلى رأسها الفيسبوك ربط روائي بين عصر علي بن أبي طالب وعصرنا عصر الرواية العربية وكل الأحداث اليومية عبر الميديا والفضائيات التي لا تعرف نوما !
والتي استلهم منها كاتب تلك السطور الروائي العربي عبدالواحد محمد نبض وفيض روائي بين كل معاني الحكمة والخير والقوة وسط صراع العقل وفتن الحياة التي تبلورت لدى علي الأمة في زمنه وما استوقفني بفيض تلك المعاني والتي بدت بالفعل حوارا روائيا بينه وبين قمم فكرية وإسلامية عربية كان فيها صوت الرواية العربية بكل ما وضع الله فيه من مواهب وسمو في الفكر والفضيلة ليكتب عبر روايتنا العربية علي إمام المتقين تلك المشاهد الروائية بينه وبين الآخر!
وتلهمنا تلك الرواية الكثير في شخصية علي عندما فتح المسلمون بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وكانت بلاد حضارات وتجتمع فيها الثروة والمال والأرض البكر وكانت الآراء التي صدرت من عبدالرحمن بن عوف وطلحة بن الزبير وغيرهما من قادة الأمة في تلك الحقبة الزمنية بتقسيم الأرض بين أهلها والأرامل لكن علي قال يجب أن تمنح الأرض لمن يزرعها لأنه أحق بذلك ومن ثم تعود الفوائد على الجميع بشكل فيه بعد عميق لرؤية روائي لم ينحاز إلى أهواء يقع فيها العلوج !
والعلوج هم رجال العجم من الغرباء عن الأرض العربية ومن بين ما عرف به علي من فراسة وقد روى الإمام جعفر الصادق عن جده الإمام علي (أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بامرأة قد تعلقت بشاب من الأنصار وكانت تهواه فلما لم يساعدها احتالت عليه فأخذت بيضة فألقت صفرتها وصبت البياض علي ثوبها وبين فخذيها ثم جاءت بالشاب إلى عمر صارخة فقالت (هذا الرجل غلبني على نفسي وفضحني في أهلي وهذا أثر فعاله).
فسأل عمر النساء فقلن له (أن ببدنها وثوبها أثر المني)
فهم عمر بعقوبة الشاب فجعل الشاب يستغيث ويقول (يا أمير المؤمنين تثبت في أمري فوالله ما أتيت بفاحشة ولا هممت بها فلقد راودتني عن نفسي فاعتصمت فقال عمر رضي الله عنه لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه) يا أبا الحسن ما ترى في أمرهما؟
فنظر علي كرم الله وجهه إلى المرأة يقرأ صفحة وجهها ونظر إلى ما على الثوب ثم دعا بماء حار شديد الغليان فصبه على الثوب فجمد ذلك البياض ثم أخذه واشتمه وذاقه فعرف رائحة البيض وطعم البيض وزجر المرأة فاعترفت! فأطلق الشاب البريء وأقيم على المرأة حد القذف !
وفي سطور علي كرم الله وجهه صفحات عديدة ومتميزة في محراب الحياة والتي شكلت فكره الألمعي بل شكلت من معانيه فكرا روائيا عبقريا لكن من يبحث عن الألف معنى وقصيدة في شخصية الإمام علي فارس الرواية العربية بلا منازع وقد توقفت عند تلك المعاني التي خرجت من رحم علي إمام المتقين عندما شكا يهودي عليا إلى عمر بن الخطاب وكان عمر شديد الحرص على المساواة بين الخصوم في القضاء فقال لعلي (ساو خصمك يا أبا الحسن فوقف علي إلى جوار اليهودي أمام عمر. وعندما قضى عمر وانصرف اليهودي قال عمر (أكرهت يا علي أن تساوي خصمك؟ فقال بل كرهت أن تميزني عنه فتناديني بكنيتي «أبو الحسن»).
فشخصية علي كرم الله وجهه كانت دوما ودائما محل تقدير بل كانت جامعة فيها الرواية الإنسانية مصدرا من مصادر البناء والإبداع الفكري الحر الذي تفردت فيه العديد من سمات علي الذي مازال بيننا ملهما ومبدعا لكل رواية عربية تكتب من دجي الليل وشروق شمس !!
عبد الواحد محمد
التعليقات