قصة قصيرة / بائع السكائر
تشتم أُمها دائماً.. لا تطيق ذكرها.. على خلاف معها لأتفه الأمور.. لا تقبل بمن يقوم بإصلاح ذات البين.. أُمها تكرهها هي الأخرى ولا تحدثها إلا نادراً.. إذا التقتا معاً في البيت تندلع المشاجرات بينهما..
كثيراً ما سافرت إلى مدن أخرى لتقيم بمفردها بعيداً عن أمها.. الكثيرون نقموا عليها لسوء خلقها مع والدتها.. تعرضت للتبكيت والتأنيب.. لكنها تردّ أن هذا شأنها ولا ترغب أن يتدخل أحداً فيه.. قيل: أن سبب نقمتها على أمها بقائها بلا زواج..
ذات يوم.. جاءتني في زيارة.. سلمتني ورقة فشرعت بقراءتها:
"في إحدى الليالي لم تنتبه الأم المدمنة على التدخين إلى نفاد سكائرها في البيت فأرسلت أبنتها الصغيرة ذات السنوات السّت للبحث عن محل لبيع السكائر..
لم ترفض الصغيرة لخشيتها من العقاب.. خرجت تبحث عن محلٍ.. وجدت واحداً في السوق البعيد نسبياً عن البيت..
كان البائع في حالة مريبة.. يشرب من زجاجة ملونة وينفث الدخان بعيداً... كأنه في عالم آخر.. صوت الصغيرة أعاد إليه وعيه.. نظر إليها.. توسعت حدقتا عينيه.. ارتعبت الطفلة قالت له بخوف: أريد سكائر ؟!
قال لها تعالي.. أدخلي وخذي السكائر.. دخلت الصغيرة .. هجم عليها كالوحش الكاسر...
لم تعِ ما يحدث.
رجعت للبيت بالسكائر وببقعة حمراء على ملابسها.. استقبلتها الأُم بالسؤال: وجدتي سكائر؟!
أومأت الصغيرة برأسها، وهي ترتجف، أخذت الأم السكائر وانصرفت.. بقيت الطفلة تنظر وتنتظر من يسألها أو ينتبه لحالها.. عاشت أياماً طريحة الفراش دون أدنى سؤال من الأم..
مرّت الأيام والسنون وصورة الأُم في تلك اللحظات هي الماثلة في ذهنها وليس ذلك الرجل".
زينب فخري
التعليقات
الاسم: |
زينب فخري |
التاريخ: |
2017-06-15 17:00:52 |
|
الأستاذ الفاضل علي جابر الفتلاوي.. اولاً لكم كل الاحترام والتقدير وقد أفتقدناكم حقاً على مواقع التواصل الاجتماعي.. وثانياً أؤيدكم فيما قلتم.. لكم كل التحيات الطيبة.. ورمضان كريم ومبارك.. |
|
|
الاديبة البارعة زينب فخري .. قصة ليست بعيدة عن الواقع الذي نعيشه.. لكني أرى أن السبب في حصول الاعتداء متسلسل، الأم التائهة التي لا احد يرعاها، المرأة في مجتمعنا إن فقدت العين الراعية ليس ببعيد الانحراف، وليس شرطا بداية الانحراف عن قصد وتصميم مسبق، قد يكون عدوانا مثل ما حصل للطفلة في قصتك، وقد يكون بسبب الظروف القاهرة مثل ما يحصل اليوم في مجتمعنا منه الكثير، وقد يكون عن نية مع سبق الاصرار كل ذلك محتمل، ظروف الام التي جعلتها تائهة انعكست في تعاملها مع البنت، على كل حال قصة رائعة ذات عبرة ومعنى، عندي ملاحظتان، الاولى لغوية وحدسي يقول أن ذلك حدث سهوا، يفترض القول (ولا ترغب أن يتدخل أحد فيه ) بدل قولنا (أحدا) والملاحظة الاخرى في رايي ولست قاصا، لو سمينا البنت باسم ستكون القصة أكثر قربا... احترامي وتقدري لكم. علي جابر الفتلاوي |
|