قصة قصيرة.. دناءة امرأة
بشغف كبير.. كنتُ أحتضن كتباً مدرسية بشغف كبير.. عيناي تتطلعُ إلى قريناتي اللواتي يمضين إلى قاعات الدرس.. أندسُ بينهن وأستمعُ باهتمام بالغٍ للمعلمة.. أتسابقُ في الإجابة عن الأسئلة.. كم كنتُ أرغب أن أصبح تلميذة لولا تلك الأوراق اللعينة.. التي تدعى ثبوتية..
معلمتي عقدت العزم على فعلٍ شيء ما.. كانت أولى خطواتها سحب ملفي من غرفة المدير.. كان خالياً إلا من ورقة كُتبتْ بخط يدٍ.. فيها طلب بضمي إلى ملجأ الأيتام لضيق ذات اليد وضنك العيش.. مذيلة بتوقيع ورقم هاتف..
اتصلت معلمتي بالرقم.. بعد أن تمّ إخراجي من الغرفة.. كنتُ أريد أن أسمع ما يدور من حديث.. لأقف غير بعيدة.. أراقب ملامح وجهها.. أنصت لصوتها الذي بدأ يرتفع.. تحول إلى صراخ.. أغلقت معلمتي الهاتف وهي تتمتم.. لم أفهم منها سوى.. "أنانية .. دنيئة"!
قلبي الصغير وعيناي يتوسلون بمعلمتي.. يتوسمون حلّ مشكلتي..
بعد برهة رنّ هاتف الملجأ.. أخبروني أنه ليّ.. أسرعت وقلبي يخفق.. كانت أمي.. أخبرتني أنها عثرت على هويتي.. تريد أحداً لتسلمه أياها.. من شدة فرحتي هرولت نحو معلمتي.. قاطعة درسها.. وقفت أمامها لاهثة.. أخبرها ويدي تشير إلى الهاتف: أن أمي عثرت على أوراقي لكي ألتحق بالمدرسة وترغب بمحادثتها.. خرجت المعلمة معي لتكلم أمي..
دار بينهما حوار طويل لم ألتقط منه سوى قول معلمتي التي تعثرت الكلمات على شفتيها: هذا مبلغ كبير.. شططَتِ فيه! يبدو أن معلمتي توجسْتُ من أمي خيفة.. عرضت عليها التسديد على دفعات بعد أن ترى الأوراق.. لم يكن ما قالته معلمتي متوافقاً مع رغبة أمي!
بإغلاق المكالمة، دبّ اليأس وفقدان الأمل..
دلفتُ لقاعة النوم والحسرة تملؤني..
بعد سويعات طرق مسامعي صوت مشاجرة.. ركضتُ مع الجميع.. كانت معلمتي مع أمي.. وعندما وقع نظرها عليّ تقدمت باتجاهي مسرعة.. أمسكت يدي وسحبتني بقوة.. لتأخذني بعيداً.. في إحدى المدن.. ترميني.. للتسول.
زينب فخري
التعليقات