علاقة سائق التاكسي بالسياسة
ما أجتمع أثنان أو أكثر الا وكانت السياسة حديثهم في زمن يعاني فيه الناس الظلم والويل من جبروت السياسيين الذين أصبحوا وبالا على شعوبهم ،الرجال والنساء سواسية فالظلم طال الشعب بِكُل فئاته فأصبحت السياسة وتردي الأوضاع المعيشية على أيدي اللصوص المُتسيسين حديث الناس .
لكن هل كل من يتكلم بالسياسة يفقه بها ويستطيع تحليل الأوضاع بشكل واقعي وسليم؟ المعروف أن الاعلاميين والنشطاء السياسيين حديثهم بالسياسة هو مجال تخصصهم يظهرون عبر شاشة التلفاز يُحللون الأوضاع السياسية ويُعبرون عن وجهة نظرهم بالاحداث والتقلبات السياسية المُحيطة بِنَا ،وبعيداً عن شاشة التلفاز ومايخرج من تصريحات ماأنزل الله بها من سلطان وكلً يُغني على ليلاه فهناك مركز أستبيان كبير للمعلومات والتحليل السياسي وعلى مستوى عالي من الدقة والمصداقية فهو من الشارع وعنوانهُ الشارع وعلى مدار أربعة وعشرون ساعة باليوم هذا المركز الأستبياني أبطاله (سائقين التاكسي ).
المتعارف عليه أن كل مجتمع يتكون من ثلاث طبقات حسب مُستوى الدخل الطبقة الفقيرة والمتوسطة والغنية في عراق ما بعد سنة٢٠٠٣ ا أُضيفت طبقة أخرى على مُجتمعنا وهي الطبقة الرابعة التي ينتمي لها اللصوص والمرتشين ذي الثراء الفاحش ،فبِطبيعة الحال سائقو التاكسي ينتمون الى الطبقة الفقيرة أو المتوسطة أو ممن كأنوا أغنياء وجار عليهم الزمن الذي لا أمان له .
بالماضي كان الذي يعمل في هَذِهِ المهنة هو الشخص الذي لم يُوفِّق بالحصول على تعليم عالي أو الموظف البسيط الذي يرغب في تحسين مُستواه المعيشي والشي المؤكد انها مهنة شريفة ومكسبها حلال ويحتاج لها المجتمع .
لكن في يومنا هذا من هم سائقو التاكسي ؟ماهي أعمارهم ؟وماهو تحصيلهم العلمي ؟وكيف أصبحوا مركز أستبيان للمعلومات ؟ومن أين جاءت لهم تلك المصداقية في تحليلهم للاوضاع السياسية ؟
أن أكثر سائقين التاكسي هم من فئة الشباب ومن خريجي الجامعات والكثير منهم يحمل شهادة الماجستير المفروض أن هؤلاء الشباب يعملون في وظائف اخرى حسب تخصص دراستهم ويستفيد الوطن من تحصيلهم العلمي ولكن بما أن هؤلا الشباب يعيشون في عراق غير عراقهم عراق أستعمرهُ لصوص وقطاع طرق سرقوا احلامهم وطموحهم ،الوظيفة التي هي حق لهم باتت تُباع بِثمن غالي لايملكون دفعه و تقدم أولاً الى أبناء الطبقة الرابعة ذات الثراء الفاحش ولَم يعد من شروطها الشهادة العلمية لأن كل شي يُباع بالمال والشهادة ممكن شرائها من اَي جامعة ومن اَي دولة بالعالم ثم تُعلق في مكتب يمتازبالفخامة وكرسي كبير يجلس عليه شخص بائس لايملأ مكانه .
لم يبقى أمام الشاب المتعلم الا أن يجمع كل مالدى عائلتهُ من مال ويشتري سيارة تاكسي يعمل عليها كي يعيل نفسه وأسرته .والجواب على السوأل كيف أصبح التاكسي مركز أستبيان كبير ودقيق للمعلومات ؟هو أن
الناس الذين يصعدون فيه من فئات عمرية مختلفة وطبقات أجتماعية مُتفاوته ونادر جداً مايسود الصمت بين الراكب والسائق أثناء الطريق ولِتمضية الوقت تكون هناك أحاديث ومناقشات بينهم عن واقع المجتمع والظروف السياسية وتاثيرها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي ولأن همومهم واحدة يمتاز الحديث بالمصداقية والعفوية وعندما يشعر الراكب أن هذا السائق أنسان مثقف ومتعلم من خلال طريقة حديثه معهُ ومستمع جيد تتولد ثقة مُتبادلة بالحديث ويسقط حاجز الخوف من قول الحق وخاصة أن هذا الراكب لن يرى السائق مرة اخرى فلا ضير من البوح عن مافي صدره من هموم الحياة التي صنعها واقع سياسي فاسد .
الأحاديث والمعلومات الكثيرة والمتنوعة المتبادلة بين الركاب وسائقي التاكسي تجعل منهم بنك للمعلومات ومكتبة تحتوي الكثير من القصص والرويات التي لم تكتب بِحبر أذا أردنا الاستعلام عن حقيقة مايحصل في موضوع معين أو سماع قصص واقعية من الحياة ماعلينا الا أن نستأجر سيارة تاكسي يقودها شاب مُتعلم يكون هو الراوي ونحن القرّاء
سالي المبارك
التعليقات