الفِكْــــرة
وأوْرَدَتْ قلبَه السُّرورا هُنَيهَــــةً وانقَضَتْ مُرورا
هُيامَةُ الفِكرِ، لَمْ يَحُـــزْها أصابِعاً أفْلَتَــــتْ حَريــــرا
فاسْتَشْعَرتْ مَلْمَساً حَفيفاً كَباحَــةٍ مَرَّرَتْ بَخُــــورا.
أوْ أبْطَأَتْ فِكرةٌ وقَــــرَّتْ مُصاحِباً عِندَه سَميرا
فَكَثَّـــرَتْ مِثلَها سِواهــــا وأرسَلَتْ حَولَها جُسورا.
الجَمعُ مِنها وما عَداهـــا سَيَنبَري ماهِراً خَبيرا،
فَجَمعُها فِعلُهُ وِصــــالٌ وإنْ بَدا مُفْرَطـــاً نَثيرا
كَما يُريكَ الخَليطُ غَيماً مُفَصَّصاً بارِقاً مَطيرا
تُجيـــزُ أطوارُهُ وِئــــــاماً وإنْ وَشَى شَكلُه نُفورا.
******
في الجَوِّ مِن مِثلِها ومِنها ما نَمْنَمَ الأُمسِياتِ نُورا
فالحَقْلُ إن حَلَّــــهُ قَتـــــامٌ صَيَّرْنَ مَن جالَهُ بَصيـــرا
والضَوءُ يُرسلْنَهُ فَيُذكي مِن مُعْتِمٍ مُبعِدٍ ظُهورا.
إذا أبانَ البَعـــيدَ بَــــــــرقُ أبانَ للقاصِدِ المَسيرا
وإن أضاءَ القَصِيَّ قُبْـــــحٌ ما عادَ مَن رائَـــهُ ضريرا.
******
في قَوسِها الشامِخِ المٌعَلَّى تَستَبْطِنُ العِزّةُ الحُبــورا
ومِن وُجوبِ الغَدِ المُنَقَّى فالعِزَّةُ استَبْطَنَتْ شُعورا
بالقُوَّةِ العِــــــزُّ مُستَتِبٌّ والكبرياءِ اغتَدى قَــــــريرا
قد يُفسِدُ القُوّةَ التِباسٌ وتُصبِحُ الكِبريا غُــــــرورا
لَوْ لَمْ تُهَـــذِّبْهُما قُلْوبٌ تَسْتَلْهِمُ الفِكْرَةَ الطَهورا
****
خُطوطُ البُنَى الصَبـــــايا وذي التي أينَعَتْ عُصورا
أجالَها إصبَعٌ رَهيـــــــــفٌ لَمّا جرَى مُغْرَماَ صَبـــــورا
جاءَتْ بِهِ فِكرةٌ وكانَــــتْ حَوالَهُ مُرشِــــداً مُشيرا
فَصارَ حِبرُ المُنى النَوايا في خَطِّهِ أسطُحاً نُحورا
وافَى مُقامَ العُيونِ حُسنٌ سَوَّتْ له فِكرةٌ عُبورا
أوْ حَلَّ في مَسمَعٍ جَمالٌ صارتْ به ظَنّةٌ خَــــــريرا.
*****
في القارِبِ الصائِدُ استَدارَتْ عَيناهُ تَستَملِحُ البُكــــــورا
ويَرقَبُ البَحرَ: في مَـــــــــداهُ يُغالِبُ العَينَ والطُّيـــــــورا.
يُفَكِّرُ الصائِدُ اتِّســــــــــــــاعاً بالبَحرِ في بُعـــــدهِ وَقــــورا،
يُخَبِّأُ العَيشَ ذا انبِســــــاطٍ وُيُضمِرُ الشَرَّ مُستَطيرا،
وَيُضمِرُ الجَوفَ ذا الخَفايا والعُمْقَ مُستَغلَقاً سَتيرا.
يُطالِعُ الصائِدُ الأعالي في حِملِها الصُبحَ والسُفورا،
في حِملِها الليلَ، ذا كفافٍ ضِياءُهُ نائيــــــاً نَزيــــــرا،
يُثَبِّتُ الليلُ في سَماهُ مَجاهِلاً جَمّةً قُصورا.
لا يَنظُرُ الصائدُ المٌعافَى في عُودِهِ قائِماً نَضيــــرا،
لكِنّهُ يَشعُرُ انْبِهـــــــاراً أنْ هَيَّأتْ نَفسُهُ نَظيـــــــــرا:
طِفلاً يُعيدُ البناءَ وَعْداً والضِحكَ مُستَلطَفاً صَغيرا،
طَفلاً نَماهُ الحَشا نَسيجاً وأطبَقتْهُ المُنى ضَفيــــــرا.
***
ما يَسبِرُ البَحرَ ذا اصْطِخابٍ تَصُكُّ أمواجُهُ الصُخــــورا
فتَرقُصُ القَطرةُ اهْتيـــاجاً وتَنْسَخُ الرقصةُ الهَديـــرا؟
ما يَسبِرُ الحَيَّ في مِيــــاهٍ ما كانَ في طَوقِها أسيرا؟
ما يَكْشِفُ الكَونَ في عُلاهُ يُكَفْكِفُ الدانِيَ الجَسورا؟
ما يَسبِرُ الليلَ، مُبتَـــــداهُ يُتيحُ في الأنجُمِ النَفيرا؟
هل يَسبِرُ البُعدَ والبَرايا والبحرَ مُستَتبِعاً بُحورا
إلّا حَديثُ العقولِ، يَصبو فيَغتَدي بَغتةً مُنيـــــرا؟
****
تَجَوَّلُ الفِكرةُ انصياعاً لناظِرٍ يَعشَقُ السُّطورا
فحازَها وَهْجُهـــا بِنَجْمٍ وشَفَّها مَسُّها الأثيـــرا
وفي ذَرَى رِحلَةٍ وحِـــــلٍ تَزَوَّدتْ زادَها وَفيـــــــرا
قُوتاً يُحيلُ الخُطى ثَباتاً والدَّربَ مُستَعذَباً يَسيرا.
***
تَحَـــوُّلُ الفكرةِ اغتِناءٌ يُجيبُ تَسآلَها الكَبيـــرا،
إذْ تُدرِكُ الحِذْقَ مُستَفِيضاً فتُبصِرُ الصانِعَ القَديــرا.
25-12-2016
حسـين عنبر الركابي
التعليقات
|
من حسين عنبر الركابي إلى الأخ كريم الأسدي: شكري وامتناني لتعليقكم. للكلمة الناقدة دورٌ جبار لو علمت في الشعر وانتاجه لأن الشعر خلافها كالنسج في الفراغ لا يكاد يراه حتى صاحبه. أمنياتي لك بالعافية والموفقية. |
|
|
من حسين عنبر الركابي : إلى الأخ جمال مصطفى، شكري وامتناني لتعليقك الكريم المُبهِج،يُسرّني أنها أرضتكم. |
|
الاسم: |
جمال مصطفى |
التاريخ: |
2016-12-30 17:25:27 |
|
الشاعر الأصيل حسين عنبر الركابي ودّاً ودّا احييك أخي الشاعر القدير حسين الركابي , ما أندر أن يقرأ قارىءُ الشعر في هذه الأيام قصيدة ً كقصيدتك الجميلة هذه وما أندر الشعراء الذين يتمكنون من مخلع البسيط . وفي ذَرَى رِحلَةٍ وحِـــــلٍ تَزَوَّدتْ زادَها وَفيــــــرا
دمت في صحة وأمان وإبداع وكل عام وأنت بخير |
|
|
الأستاذ الفاضل الشاعر حسين عنبر الركابي.. تحياتي .. هذا بحرٌ صعب طوعته لقصيدتك بمكنةٍ عالية واقتدار واضح.. القصيدة لاتخلو من غموض لكن قصيدة من ثيماتها البحر لابد ان تنطوي على غموض ما .. لايمكن تجاوز هذه القصيدة والمرور بها دون تعليق . امنياتي لك بالصحة والتوفيق ورائع الأبداع...
|
|
|
الأستاذ الفاضل الشاعر حسين عنبر الركابي.. تحياتي .. هذا بحرٌ صعب طوعته لقصيدتك بمكنةٍ عالية واقتدار واضح.. القصيدة لاتخلو من غموض لكن قصيدة من ثيماتها البحر لابد ان تنطوي على غموض ما .. لايمكن تجاوز هذه القصيدة والمرور بها دون تعليق . امنياتي لك بالصحة والتوفيق ورائع الأبداع...
|
|