أغنيـــــةٌ الى الولـــدِ العــــرا- نـــي
مهداة الى عبد الرزاق الربيعي
قبلَ هذهِ اللَّحظةِ بوقتٍ قصيرٍ
لنقلْ زُهاءَ يومٍ؟ عقدٍ؟ ثلاثةِ عقودٍ؟ أكثرَ من أربعتِها بقليلٍ؟
قبلَ هذا الوقت الذي تناثرَ سريعاً من كتابِ أيامنِا
كانتْ الحياةُ مختلفةً مثلَ مدرسةٍ تحيطُها سبعُ قارّاتٍ
تلازمُني ملامحُكَ، فهيَ محفورةُ في تفاصيلِ شبابِنا
سمرتُك التي تنتمي الى الغروبِ
قامتُكَ المستطيلةُ كشهرِ تمّوز
ضحكتُك المُجلجلةُ كآذانِ جامعٍ
بَرَمُكَ الذي يشبهُ يومياتِ شرطيِّ مرورٍ
طيبتُكَ التي تشبهُ أباً حنوناً يشبهُكَ تماماً
أحفظُ سيرةَ أقدامِكَ المدونةَ على شوارعِ بغدادَ
أرقامَ الحافلاتِ الصاعدةِ والنازلةِ بهيكلِكَ الذي يختضُّ كموّالٍ جنوبيٍّ
أستطيعُ أن أعددَ حالاتِ عشقِكَ المدونةِ في رُقُمِ الجَمالِ
خيباتِ القلبِ
سوءِ المزاجِ
تشعّبِكَ في سواقي الأصدقاءِ
أيُّها البغداديُّ بالأصالةِ
أيُّها الجنوبيُّ بالنسبِ
أيُّها الربيعيُّ بالتسميةِ
أيُّها الصديقُ بالحَياةِ
أيُّها الشجرةُ الطيِّبَةُ في بستانِ الوفاءِ
أيُّها العرا- نيُّ بالضرورةِ!
كم هو شاقٌّ أن تنتميَ خطواتُك لغيرِ شوارِعِها
تفاصيلُكَ المبثوثةُ في جميعِ ممراتِ بغدادَ
قلبُكَ الذي تركتَهُ هناكَ
ما انفكَّ يرددُ كطفلٍ:
"حجنجلي بجنجلي"**
أعني نسخةَ قلبِكَ الأصليةَ المحفوظةَ في تلافيفِ بغدادَ
نسخةَ القلبِ التي نسختَها طبقَ الأصلِ مرةً واحدةً فقط
لتمنحَها لمسقطِ حبِّكَ الجديدِ
كم فاجأتني
وأنتَ تجثو على ركبتيكَ كفارسٍ من الطرازِ القديمِ
تاركاً أعاصيرَ الخساراتِ الكبيرةِ تمرُّ
دونَ أن تزحزحَ صخرةَ يقينِكَ
كنتَ تعضُّ على النواجذِ كي لا تجرفُكَ سيولُ الحزنِ
كنتَ تبكي بصمتٍ كي لا تسمعُك نفسُكَ فتنأى
كنتَ تئنُّ مبتسماً كي لا تُفزِعَ أحلامَ الطفولةِ
كنتَ تضحكُ بمرارةٍ كي لا تضيقَ بكَ الحياةُ
كم فاجأتني
وأنتَ تشقُّ نهراً جديداً لنفسِكَ
كلّما جفّتْ من حولِكَ ينابيعُ الأملِ
وأنتَ ترفعُ قامتَك مُجدداَ مثلَ أشجارِ نيسان!
______
كانون الأول 2016
[*] اختصارا ل "العراقي- العماني".
[**] عنوان قصيدة للأطفال كتبها الشاعر عبد الرزاق الربيعي.
الصورة المرفقة تجمعني بالصديق الشاعر عبد الرزاق الربيعي حين كنا معا في اليمن في تسعينات القرن الماضي.
فضل خلف جبر
التعليقات
الاسم: |
فضل خلف جبر |
التاريخ: |
2016-12-26 20:02:46 |
|
أخي جواد الشعر الأصيل. محبة بسعة أفق كلماتك. شكرا أيها الصديق والأخ الذي أفتخر بمنجزه الانساني والابداعي. دام سمو روحك أيها الحبيب. |
|
الاسم: |
فضل خلف جبر |
التاريخ: |
2016-12-26 19:57:32 |
|
تحياتي أخي الشاعر المبدع محمد بدر الدين البدري لك جزيل الشكر ووافر الامتنان للطف كلماتك. أفتقدك كثيرا. عسى أن تتوفر فرصة سانحة للقاء قريب. كن بخير أيها العزيز |
|
|
بنهر مودة شواطئه وفاء عبّرت بحروف الصدق عن علاقتكما المعروفة ببهائها ورسمت صورة لمن لا يعرف صديقك الشاعر الربيعي . أدام الله المحبة بينكما ومنحكما اياما وأعواما من السعادة والاستقرار لتعيدا حلاوة الذكريات |
|
|
هذه قصيدة أقل ما يقال عنها: انها قصيدة لا تُملّ يوميّا تمرّ على قراءاتنا عشرات القصائد، تمرّ كما غيمة عابرة في صيف مشمس، من دون ان ينتبه اليها أحد، او تشكّل فرقا ما في الذائقة. لكن هذه القصيدة، هذا النص المنساب كخيط ينبوع ناحل من بين ثنايا صخور جبل، أجبرني على إعادة قراءته أكثر من مرة. . ليس لأنّ كاتبه الشاعر – الناقد "فضل" الذي احبّ ان أسمّيه "فضول" لأنّ القلب هكذا ينطقه. وليس لأنّ المكتوب عنه هو "ابو ارزوق" طفل صداقتي المدلّل، الولد الأكثر براءة من انبياء تاريخيين مُزيّفين.. لكن لأنّه "نص" مكتوب بعاطفة حرفيّة، وشاعرية منتقاة، ومعرفة أكيدة بما يجب ان تكون عليه البساطة العميقة، والسهولة الصعبة، والانثيالات التي لا ترهق بقدر ما تضيء جوانب النص. . لا اعرف من احسدُ حقا أفضل على هذه القطعة الجمالية الخالصة..؟ أم الربيعي عبد الرزاق، وهو يتلقى أجمل هدية نهاية العام، لأنّ "بابا الشعر" قد مرّ على بابه العماني، ووضع عند عتبته "شجرة نص الميلاد" تاركا لقراءاتنا ان تقرع اجراسها، وتعلّق على اغصانها إعجاباتنا الملوّنة. . محبااااات من القلب لكليكما ايها العلمان. |
|
|
هذه قصيدة أقل ما يقال عنها: انها قصيدة لا تُملّ يوميّا تمرّ على قراءاتنا عشرات القصائد، تمرّ كما غيمة عابرة في صيف مشمس، من دون ان ينتبه اليها أحد، او تشكّل فرقا ما في الذائقة. لكن هذه القصيدة، هذا النص المنساب كخيط ينبوع ناحل من بين ثنايا صخور جبل، أجبرني على إعادة قراءته أكثر من مرة. . ليس لأنّ كاتبه الشاعر – الناقد "فضل" الذي احبّ ان أسمّيه "فضول" لأنّ القلب هكذا ينطقه. وليس لأنّ المكتوب عنه هو "ابو ارزوق" طفل صداقتي المدلّل، الولد الأكثر براءة من انبياء تاريخيين مُزيّفين.. لكن لأنّه "نص" مكتوب بعاطفة حرفيّة، وشاعرية منتقاة، ومعرفة أكيدة بما يجب ان تكون عليه البساطة العميقة، والسهولة الصعبة، والانثيالات التي لا ترهق بقدر ما تضيء جوانب النص. . لا اعرف من احسدُ حقا أفضل على هذه القطعة الجمالية الخالصة..؟ أم الربيعي عبد الرزاق، وهو يتلقى أجمل هدية نهاية العام، لأنّ "بابا الشعر" قد مرّ على بابه العماني، وترك عند عتبته "شجرة نص الميلاد" تركا لقراءاتنا ان تقرع اجراسها، وتعلّق على اغصانها إعجاباتنا الملوّنة. . محبااااات من القلب لكليكما ايها العلمان.
|
|