مؤتمر باريس الامريكيون امام جبهات جديدة
اخفقت الاستراتيجية الامريكية اخفاقات كبيرة وهي تتحرك في مساحات مزروعة بالالغام غير المرئية بالعين المجردة..واصبح واضحا ان الهدف الذي جعلت من اجله الخطط بعيد المنال بل مستحيل التحقيق..ولم تجد كل الوسائل المستخدمة الاعلامية والدعائية والديبلوماسية والعسكرية ويصبح الوضوح سيد الموقف بان الامر لايتوقف عن حدود الفشل والاخفاق بل يمتد ليطال بنى اساسية في التكوين الاساسي للمجتمع الامريكي.
المجتمع الامريكي يقوم على عماد اساسي انه الجانب الاقتصادي الرهيب والاقتصاد في العالم كله ليس بريئا من الكيد والمؤامرات ولكنه في امريكا مسلح بالجريمة وكل انواع الرذيلة الاخلاقية ..فالتكنولوجيا والطب والادوية والسلاح وكل ما يناشأ عن ذلك من وقائع سياسية او اجتماعية انما تقف مسألة الربح دافعا اساسيا وراءه..والدولة الامريكية هي اداة ليس اكثر بيد رؤوس الاموال الضخمة التي تحرك الجيوش والسياسات نحو الحروب او التسويات بمقدار ما يتحقق الربح الراجع لجيوب كبار الشركات الراسمالية في الولايات المتحدة.
وبمقدار ما تظهر جبروت امريكا وقدرتها الفائقة على الانفاق على جيوشها او على حلفائها فانها كذلك تكتنز ازمات خطيرة وتعيش على فوهات من البراكين القاتلة..وهي تظهر في هذه الساعات كثور لايكاد ان يقف متماسكا فيما الارض تميد من تحت اقدامه..فهاهي شركات العقار التي يضربها العجز والافلاس وهذه البنوك التي ترتفع نسبة الكساد فيها وهاهي نسبة البطالة المرتفعة وتراجع الخدمات المجتمعية بالاضافة الى بروز امراض تضرب مفاصل الضمير المجتمعي بعد حرب العراق..
ان سعر البترول المتصاعد والذي لايبدو انه قادر على الاستقرار انما هو عنوان لانهيار مرعب يتهدد الاقتصاد الامريكي والمجتمع الامريكي وبرغم ما يبدو من قوة حراك سياسي جلبت الافريقي اوباما الى التنافس على الرئاسة فان هذا الحدث نفسه سيعمق الازمة المجتمعية وسيحرك قوى عنصرية تجد طريقها الى ضرب شروخ في البنيان الاداري والسياسي..كما ان صناعة السلاح لن تجد رواجا لمدة ليست قصيرة ولن تستطيع امريكا ان تجني ثمارا مكافئة لغزوها العراق.
جبهات عديدة فتحت على الولايات المتحدة وهي اعنف بلا قياس من تلك التي اودت بالاتحاد السوفيتي ولئن استطاع الاقتصاد الامريكي ان يتجاوز مآزقه في السابق فهو لن يستطيع الان وذلك لعدة اسباب اولها واهمها فقدان المجتمع الامريكي الاجماع السياسي والهدف المجتمعي .. كما ان اية محاولة للترميم او الاصلاح تعني انهيار المبنى المهشم كلكه..
في هذا الظرف يتحرك الاوربيون لالتقاط الراية من الامريكان المهدودين فتعقد فرنسا مؤتمرا بين الغرب من جهة وكل المرشحين للتحرر من الامريكان من جهة اخرى وذلك لتجديد عهد العبودية والتبعية السياسية والاقتصادية..الا ان ذلك لن يغنيهم شيئا..انها مرحلة نهضة الامة على انقاض انهيار الامبريالية الغربية!
صالح عوض
التعليقات