قصة قصيرة.. نسيان
في ليلة ظلماء أهتز الجبل.. ضوء النّار مزق حجب الظلام.. القنابل المتساقطة على القرية جعلت سكانها يندفعون في كلّ اتجاه.. يتحركون كالجراد.. صيحات الرجال تتعالى لدعوة الناس للخروج من القرية..
زوجي مازال نائماً لكن جفله صوت يقول وهو يقرع أبواب البيوت: لقد جاؤوا.. اقتربوا.. أخرجوا من القرية..
قفزت من فراشي مرعوبة.. توجهت لأبنائي وأنا أصرخ بلا وعي: انهضوا.. انهضوا.. بسرعة..
الفوضى عمّت المكان.. ندور على غير هدى.. نريد من يوجهنا للعمل.. أنا أُيقظت أطفالي الخمسة وهم ينظرون إليّ بذهول.. سمعوا أصوات تصم الآذان بدؤوا يصرخون من الفزع..يتساءلون.. يلتصقون بي.. ضربت أبنتيّ الاثنتين ودفعتهما لجمع الملابس.. زوجي خرج ليستطلع الأمر، عاد للبيت صارخاً: بسرعة.. بسرعة.. لا وقت لدينا.. القرية على وشك أن تحاصر.
أطلق العِنان لغضبه، وبدأ يلعن ويسب ويضرب.. توجه للأطفال وهوى عليهم بيديه ودفعهم باتجاه الباب، نظر ليّ وشتمني وطلب جمع المستمسكات، نهرني لبطئي.. أبواه وأخته معنا، كلّ منهم حمل ما يهمه.. انطلقنا نهرول في وسط ظلام.. نستبق الزمن إلى الجنوب. كان زوجي وأخته مسرعين في خطواتهما فتقدما عليّ كثيراً، أتبعهما أنا برفقتي الآخرين.
عبرنا نقطة تفتيشٍ بعد مسير دام فترة ليست بالقليلة.. توقفنا لنلتقط أنفاسنا، بعد ابتعادنا عن الرعب الذي أطار بعقولنا.. سألني زوجي بعد أن ذهب عنّا الرّوع : أين الصغير؟
أجبت بثقة: عندك..
نظر وفغر فاه: قال: لا، معي هذان الاثنان فقط .
ركضت إلى عمّة الأولاد وسألتها:أين صغيري؟
قالت: ليس معي..لم أحمله.. كأنني رأيتك تحملينه ..
ضربت وجهي.. صرخت: لقد بقي في البيت.. نسيته نائماً هناك..
زينب فخري
التعليقات
الاسم: |
زينب فخري |
التاريخ: |
2015-01-13 17:51:06 |
|
الأخ الكريم سعيد العذاري شكرا لقراءتك ولمتابعتك.. تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح.. تحياتي |
|
الاسم: |
سعيد العذاري |
التاريخ: |
2015-01-09 10:45:16 |
|
تحياتي وتمنياتي لك بالتوفيق قصة رائعة للعبرة والاعتبار بارك الله بجهودك
|
|