اعداؤنا يكبرون بنا !
لا أقرأ لـ ( مستغانمي ) كثيرا .. وقد احلل لنفسي ان انقد بعض الذي امر به مما تكتب .. لكنها استطاعت ان تسرق تأملي بهذه الكلمات التي شاركني تحليل ونقاش فكرتها بعض الاصدقاء ممن تعددت ثقافاتهم واختلفت قناعاتهم ..

تقول السيدة احلام مستغانمي :
(النجاح ينجب لنا الأعداء . لكن مأساتنا تكمن في كوننا لا نظفر دائماً بخصوم يليقون بنا. أصبح من الصعب العثور على عدو كبير، يكون أهلا للمنازلة ، فمن يعادوننا الآن يفعلون ذلك ليكبروا بنا )
بعض الاصدقاء استغرب هذا التصريح مستفهماً : هل هو دعوة لان يرتقي الإنسان بعدوه ؟ أم ماذا ؟ فليس من الممكن ان تكون دعوه لتجاهل العدو أو ترك النجاح!
رغم موضوعية الاعتداد بالنفس الذي تطرحه هنا ( مستغانمي ) والصورة المعتمة من الارتقاء الكاسر للقاعدة الاجتماعية المحببة وهي التواضع .. لكن ووفقا لرأي احد الاصدقاء المشاركين في النقاش فإن من يقول هذا دائما هم العظماء والعلماء على اعتبار انهم يمتلكون اعلى المراتب لذا فمن الطبيعي ان يكون خصومهم او حاسديهم بالمعنى الاصح اقل منهم شأناً ... لذا فأن هذا لا يمكن ان يقوله او يعتد به شخص لا يتميز عن الاخرين كثيرا او لا يتميز مطلقا .. فمستغانمي لا تعدو اكثر من كاتبة بين حشد هائل من الكتاب المبدعين فهل يصح قولها لو ان احد هؤلاء الكتاب او الادباء ناصبها العداء ؟ الا اذا كان قصد مستغانمي في طرح الموضوع سياسيا او اجتماعيا فهنا قد تكون المقولة خاصة بوضع معين تؤمن الكاتبة بإنطباقه على ماصرحت به ... والا فإن الوضع الطبيعي يعتبر قول مستغانمي قمة التكبر والنظرة الفوقية المستهجنة اجتماعيا لان من يستهين بأعدائه لا يمكن ان ينتصر عليهم والامثلة على ذلك كثيرة..فالعدو عدو كبيراً كان او صغيرا يجب ان لانغفل عنه او نستهين به .. فكليب ابن وائل كان في الحرب لايلتفت الا (لاربعين فارس) ولكنه استهان بعدوه ولم يكترث لإستفزازه فماهي الا لحظات وإذا به قتيلا بطعنة رمح..
احد اطراف النقاش إتفق تماما مع رأي المفكرة والاديبة مستغانمي إلا انه ارتأى وجوب الاشارة للتفريق بين مفردة عدو ومفردة منافس! فالمنافسة مباحة ومن حق كل أنسان أن ينافس نظرائه برقي قائم على أساس احترافي تكون غايته تحقيق الانجازات العلمية والأدبية أوترسيخ الخدمات الاجتماعية والانسانية المختلفة وبالتالي تحقيق السمو والرفعة المكللة بالتفوق على المنافسين الذين اكتفوا بتحقيق نجاح محدود فتوقفوا عند قمة معينة لايستطيعون تجاوزها الى ماهو اعلى راضين بما حققه منافسوهم بعيدا عن الحقد والحسد الباعث على العداء .. لكن ومن جانب اخر وحين تتحول المنافسة الى عداوة مبنية على الحقد النابع من العجر وعدم القدرة على مجاراة الغير اضافة الى تجذر اتجاه تأريخي معين حينها قد تصل الامور الى مالايحمد عقباه فتكون النتائج سلبية قطعا ...
الفهم العام للنص يوحي ان السيدة مستغانمي تشجّع على إيجاد عدو كبير او قوي .. وليس ذلك من الحكمة ان تظن هذه الكاتبة المميزة ذلك ..فقد اشار احد المتحاورين هنا الى ان الكاتبة قد تكون
صاغت عبارتها لفكره قديمه حديثه ومتجدده وهي ان الفاشل يرى ان في نجاح الاخرين تهديدا لشخصه فتراوده الغيره ويؤرقه الحسد لذاك الشعور ..وقد نلمس هذا في بعض النصوص الادبية والشعرية خاصة.. مثال ذلك :
إن يحسدوك على علاك فإنما ** متسافل الدرجات يحسد من علا
او قول ابي الطيب المتنبي عملاق الشعر :
واذا اتتك مذمتى من ناقص ** فهى الشهادة لي باني كامل
قناعتي الشخصية ان بعضا من الحقد وجرعة من الغباء قد تصنع الكثير من العداوة والبغضاء .. فينبغي للمرء ان يحرص على خلو رصيده من الاعداء ,فلا يسعى يوما للادّخار بذاك الرصيد , فتلك الارصدة مهما كبرت فإنها غير قادرة على صناعة الكبار .. انما يكبر الانسان بأحبته ويرتقي بإحترامهم .. وليس العكس ..
اميل للايمان بـ ( ألف صديق ولا عدو واحد) وأؤمن جدا بـ ( احذر عدوك مرة .. واحذر صديقك الف مرة .. فلربما انقلب الصديق .. فهو اعلم بالمضرة )
ملاحظة:الصورة اقتباس من صفحة الكاتبة احلام مستغانمي على موقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك )
شذا الصائغ
التعليقات