حديث رمضان .. التفكر في آيات الله
قال تعالى : (( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )) . سورة طه /آية50
الأنسان له قدرة التفكر وهو مخلوق من أجل غاية ترتقي الى عظم خلقه ومكانته التي خُلق من أجلها ، والتدبر والتفكر والنظر الى طريقه بعين متجرده عن الشهوات واللذات والمصالح التي من الممكن ان تبعده عن مراده ولتكون نظرته سداً منيعاً لكي تبعده عن ضنون الافكار والمعاصي لتبتعد عما يشينها ويضنيها ويبعدها عن هدفها الذي اوجدت من أجله والتحصن من ألابتعاد عما يكون بينها وبين ما يعيقها من عمل الخيرات ولتسابق اليه، والقران بحرٌلا يدرك قعره ، وهدى من الظلال فقد أعطي الأنسان القدرة على التفكر والتدبر والأختيار والنجاة ، ، وكتاب الله هو مأدبة الله سبحانه ومن تفكر به وغاص في بحره فهو بينات من الهدى والفرقان ، وبما أن القلوب أوعية وخيرها أوعاها فلكل واحد كيفية تبيين مدارك ومفاهيم القران وتطبيق سلوكه ، فمنهم من يرون في آيات الله كمال النفس والسير في منازل وبحار السر الذي وضع فيها ، لتكون شاهداً حضورياً للوحدة المطلقة المتجلية في مرايا خفاياها ، لتكون آيات الله سبحانه كاشفاً لما خفي منها حتى يدرك بها التوحيد الأفعالي بشهود جميع ألأفعال الحسنة فانية فيه ، وكذلك يغرف من مناهل كتاب الله التوحيد في الصفات بالتفكر في جميع الصفات الكمالية وان جميع الصفات فانية في صفاته جل وعلا ، ومنهم من يرى اذا تدبر في كتاب الله وآياته التوحيد الذاتي برؤية كل الذوات فانية بذاته ، ومنهم من يرون اذا تدبروا ان كمالهم في عقلهم النظري والذي يتأثر بما في فوقه بأن يبلغ العقل المستفاد ، فيبلغ درجة التجلي في مقام الفناء ، ومنهم من يرى في الآيات بعد التدبر والتفكر بأن كمال الأنسان ومقاماته في أتصاف العقل وتحصينه من جنود الجهل ، فيرتقي في المقامات العاليه من التجرد من رذائل الأخلاق الذميمة لتكون الاخلاق الحميده منهجه وفعله وسلوكه ليكون مع الأولياء والصالحين والأنبياء والمرسلين ، فتكون المراحل لكل واحد منهم سلوكه وسيره ومنهجه وهدفه الذي يبتغي منه رضا الخالق والقرب الالهي ليرتع من صفاء وجوده نبعا صافيا ، ليكون كل واحد منهم متصفاً بالصفات التي يرجو منها القرب منه سبحانه ، لكن اذا أجتمعن هذه الصفات وأتحدت في ذات الأنسان وفكره فأنه يسموا في حياته وعوالمه الأخرى
فكان من أتصف بهذه الصفات في التفكر والتدبر في آيات الله ليرى النور والوحي والرسالة ويشم ريح النبوة ، ذاك أمير المؤمنين سلام الله عليه سار في منهج التفكر واالتدبر ليصل الى المراحل السامية ليكون في رحاب أمامة المتقين ليكون قدوة لأهل التقوى ليستجمع كل شرائط التحقق ، فيشير الى شرائط ووضائف السائر والسالك الى القرب الساعي الى أدراكه ونيل السعادة الأبدية فيقول عليه السلام في خطبة له : فالناظر بالقلب، العامل بالبصر، يكون مبتدأ عمله أن يعلم أعَمَله عليه أم له؟ فإن كان له مضى فيه وإن كان عليه وقف عنه؛ فإنّ العامل بغير علمٍ كالسائر على غير طريق، فلا يزيده بعده عن الطريق الواضح إلاّ بُعداً من حاجته، والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظرٌ أسائر هو أم راجع؟ . وأراد عليه السلام أرشاد الظال والساعي الى ثوابت السلوك وأحسنها بأن العلم ومعرفة الهدف يجب عليه معرفة النفع والضر والحسن والقبح وما ينفعه وما يضره حتى أن عرف هذا الفعل نافع أم ضار فأن كان نافعاً أستمر وأن كان ضار أمتنع .
حسين آل علي
التعليقات
|
احسنتم شيخنا الفاضل على هذه المخالصة فالقد اجزتم واوفيتم بارك الله فيكم وبكم وسددكم الى الطريق الخيربحق سيداهل الجنة |
|