شكسبير بين النص وخشبة المسرح
يؤشر موضوع الندوة التي عقدت في يوم 8 كانون الأول 2012 في جامعة بانكر البريطانية تحت عنوان ( شكسبير على الصفحات والمسرح) كيفية تناول كتاباته المسرحية وتجسيدها على خشبة المسرح. وكان من أبرز ضيوف الندوة البروفيسور أندرو غر أحد أهم مؤرخي شكسبير ومستشار مسرح كلوب الشكسبيري والأستاذ في جامعة ريدنج وكذلك الممثل المسرحي البريطاني أندرو جارفس الذي مثل العديد من مسرحيات شكسبير ودور غاندالف في (سيد الخواتم) على المسرح.
تحدث البروفيسور أندرو في محاضرته التي كانت بعنوان ( رفرفات جديدة حول مسرحية العاصفة لشكسبير) عن رمزين من رموز المسرحية وهما الكتاب السحري وقنينة الكحول حيث وضعهما في تقابل وتعارض مع بعضهما. الكتاب السحري الذي يعطي الحكمة التي أوعزها للكتاب المقدس وقنينة الكحول التي تقدم الشراب والمتعة. ويفهم من هذه المقابلة الإشارة إلى ثنائية الروح والمادة وأثر الروحي والجسدي والعلاقة بينهما.
وقد طرح أحد الباحثين سؤالا للأستاذ أندرو عن العلاقة بين مسرحية شكسبير (الليلة الثانية عشرة) ومسرحيته (العاصفة) حيث أن الأولى تقدم رؤية شكسبيرية مضادة للبيوريتانية من خلال تقديم مشاهد السكر والعربدة في مقابل تقديم صورة ساخرة لشخصية ملفوليو البيوريتانية. وفي مسرحية (العاصفة) يكون التقابل أيضا بين السكر والحكمة أو الصراع بين المتعتين الجسدية والروحية برموزهما قنينة الشراب والكتاب السحري. وقد فسر الأستاذ أندرو الكتاب السحري بالكتاب المقدس. وقد أشار الباحث في سؤاله إلى مدى إمكانية فهم هذين الرمزين على أنهما متماثلان في إزاحة الإنسان عن الواقع. فأجاب البرفيسور أندرو أن شكسبير ينحو منحى الرومانسية وقد انتقده بن جونسون على ذلك. وعلى مائدة العشاء أثير الموضوع مرة أخرى وقيل له لا يمكننا تفسير الكتاب السحري على أنه الكتاب المقدس لأن رجال الكنيسة يعدون السحر هرطقة ولكن المتصوفة من المسيحيين يضفون شرعية عليه كونه يتصل بالقوى الروحية للإنسان.
أما الممثل البريطاني أندرو جارفس فقد قدم استعراضا لتجربته مع النص الشكسبيري وكيفية تقديمه على المسرح. وأشار إلى مسألة مهمة وهي توظيف الأوزان الشعرية وخاصة (الأيامبك) و (التروكي) في الالقاء والتمثيل المسرحي. وقد أشاد بقول أحد الأساتذة في إحدى جلسات الندوة عن تراجع تقنية الأداء أو فن إلقاء الشعر الإنكليزي وعمم ذلك على الفترة التاريخية منذ زمن شكسبير وحتى الآن. وقد أكد على أن الممثل يضفي روحه على النص حتى أن القاءه للشعر يطبع بصمته الإيامبية الخاصة بما يميزه عن الآخرين من الممثلين الذين يؤدون النص ذاته.
فيصل عبد الوهاب
التعليقات