أحلامٌ مشتهاة !؟
منذ اللحظةِ الأولى ؛
لم يكتبْ حرفاً بقاتلهِ أبي !؟
لم يُطلقْ صوتاً أو نأمة ًً
لم يُحركْ ساكناًً أو هامداًً
ًً ذاك الذي كان يحلمُ كثيراًً ،
حتى مات من كثرةِ الأحلامِ ،
وتأنيبِ الضمير !
وبعد أن فقد ذاكرته ، ومفاتيحَ جنانِه !
تسربلَ بالثاراتِ (البسوسية ِ)
حتى صارت سُنَة ٌ،
أن نرى الناسَ عندنا ،
يرقدونَ تحت ظلالِ الأحزانِ !
ويمضُُغونَ الخوفَ كاللبانِ !
في الشوارع الخلفية المتربةِ ..
مهمشونَ
في أكواخِ الطينِ !
أو تحت أزيز الرصاصِ !
أو في غياهب الظنون !
مُتسرنمونَ
من المساءِ الى المساءْ ..
يتلمّظون .. على خواءْ ..
في إنتظار الفرج ( المؤجلِ والمعجلْ )!.
على بابِ ( قاضي الحوائجِ ) ،
أو (داحي الباب )
وهم يدعُون للقاتلِ بالموتِ ،
(في السر) ،
الُْجَثمَ على صدورهم قروناً
(في العلنْ) : -
( ماذنب الأطفال
- ياسيدي ومولاي-
يهرسهمُ الجوعُ
وتخنقهمُ العبراتُ
وتقتلهمْ تأوهاتُ الأمهاتِ
وهم يشرأبونَ بأعناقِهم الى الفتاتِ
من الطعامِ والأحلام المشتهاة ْ !).
***
علَمهم ( القاتلُ ) بألا يتطلعوا الى
أبعدَ من أنوفهمْ !
وأن يتحملوا
حرَ الصيف ولدغ َ البعوضِِ والشتاءْ !
ولا يشكونْ ..
لأن الشكوى لغيره مذلة ْ !!
:(فما ذنبُ نهود العذارى ،
إذا لم يُداعبْها المطرْ؟
وماذنب الليالي
إذا حلَ النعاسُ والضجرْ؟
وما ذنبُ القبلةِ التي
فارقتها الشفاهْ ؟
والقلبِ الذي
أتعبهُ الحنينُ والسفرْ)؟
***
وكان ديدنُ أبي :
أن تعَلقَ كلُ أيامهِ ،
على ضفاف ( الفرات ِ) !
كي نرى :
كيف كانت وكيف صارتْ ؟
فمنذ الطوفانِ ..
تجرجرُنا الخيبة ُ في أذيالها
كعرباتِ القطارْ !
وكاليتامى
على أبوابِ المساجدِ والمقاهي !
ولم نحرزْ فتاتاً ،
ولم نجنِ إلتفاتاًً ،
رغم كل الدعواتْ!!
ولم نجرؤ أن نذبحَ الذئبَ ،
الذي بات يعوي
في سماءِ العمرِ ..
و نعوي مثلهُ الآن ،
على رصيفِ الأمنياتْ!؟
فأية ُ أمنيةٍٍ - سيدتي- غيرَ أن يعودَ
الهواءُُ نقياً كما كانْ !
وجذلاً ًً ، يغني (الفراتُ) ،
يغازلُ النخلَ ، كما كانْ !
و ( دجلة ُ) تزدهي ،
بحُلةٍٍ قَشيبةٍٍ من الثباتْ !!
وترقصُ (الجوبِي)* ،
على نغم الهلاهلِ و الربابْ!
وليس مثلما كان أبي ..
يرقصُ في( حضرة ِ) أحلامهِ
المُلغاةْ !!
***
* : الجوبي (ثلاث نقاط تحت الجيم) في اللهجة العراقية وتعني (الدبكة) .
2007 النرويج
صالح البدري
التعليقات