النبوءةُ الأخيرة !!
النبوءةُ الأخيرة !!
تَرَكتُكَ يَوماً.. و تَرَّكتُكَ إياي
كأني ارتكبتُ جَريمةَ قَتلٍ ،
يدُّقُّ النَبضُ بأظفاري
وتَجتاحُ العَتمَة ُ فِراشاً مِن دُخان ٍ ،
كانَ يمتّصُّ شَبَقَنا..
فَيَغلي الدَمعُ الشَهيدُ
في عَينين ِ مُناضِلَتَينِ..
ترَكتُكَ يَوماً وتركتُكَ إياي
كأني تَركتُ سُنيناً مَضَتْ
سُنيناً ستأتي..
كأنّي تَخليتُ عَن كُلِّ حُروفي المُجعّدةِ ،
تركتُكَ لِتَحيا عَلى مَهلِكَ ،
حَياة ً واحدة ً كامِلةً ..
لا حَياتَينِ متناقِصَتينِ ،
وحلَّ الصَمتُ على الصَمتِ
كأنَّ الخُرافَةَ أمسَتْ هُنا
وَكُلُّ التماثيلِ الوثَنيةِ المُبرقَعةِ ،
أغدَتْ آلِهة ً تتشفّى..
تَركتُكَ عِندَ النارِ.. وَديعةً
وأنتَ تَرتَدي جَمرَ البُرودِ الوِجدانيّ..
وأنا القاتِلُ ، وأنا المقتولُ
قَتلتُكَ يوماً ،
وكأني قَتلتُ الناسَ جَميعاً
وكأني قَتلتُ التَيارَ المُشتاقَ
بِسَدِّ الكِبرياءِ
بِسَدِّ الانتظار
وتِلكَ السُدودُ غَدَتْ أنبياءَ ،
تَرفعُ رايَةَ الأشواقِ
وتُدلــِّلُ بِكُتُبٍ مرثية ٍ،
تحتَ أسماء ٍ مُقدّسة ٍ ..
لَيتَني ،
يا مالِكَ نَبضيَ
لَم أقتُلكَ اليومَ ..
لَيتَني ،
قَتَلتُكَ في أمسِ الأوَلِ
وَقَتَلتُني في قَتلِك َ..
فالرَبابةُ اليومَ لا تَعمَلُ ،
والقِيثارةُ مُقَطّعة ُ الأوتار ِ ،
والنايُ يُقطِّعُ أنفاسَهُ بِلَهيبِ الزَفيرِ ،
والأغاني عادَتْ بِلا نَغَمٍ سَعيد ..
كُلُّ شَيءٍ مَطعونٌ في مَقتَلِ ،
كلُّ التَفاصيلِ مَقتولة ٌ أو تُحتَضَرُ..
حتى أنا ،
مَطعونة ٌ مِنَ الوَردِ إلى الوَريدِ..
يا أيُها الساهِرُ في صَمتِهِ
الساهِـــــــدُ في صَمتي ،
يا مَن أخبَرتَني ذاتَ نَبضةٍ
أنكَ أقرَبُ إليَّ مِنْ حَبل ِ العَذاب ِ ..
ها أنتُما قَريبانِ مِنْ عُنقي كَما تَرغبانِ ،
قِفْ يا قَريباً ، لا تَقرَبْ كَي لا تَبتَعِدَ..
قِف يا غَريباً ، لا تَزُرْ حتى لا تُفارِقَ..
ها هوَ حَبلُ العَذابِ ،
يُطلِقُ تَنهيدَتَهُ الأخيرةَ في فَضاءِ الأوزون ِ المُمّزَقِ ..
يُعانِقُ عُنــُقي ذلِكَ الحَبلُ العاشِقُ ،
وها هيَ أشواقي ،
تَسحَبُني نَحوهُ بانتِحارٍ مَطَمئِنِ ..
ها هيَ ُدموعيَ ،
تُزّيتُ الحَبلَ الشانِقَ العاشقَ
وتَرحَمُ حَنجَرةَ المَوتِ مِنَ الصُراخِ المَبتورِ ..
ها هيَ أنفاسي
كَطِفلٍ يَشيخُ على قارِعَة ِ رَصيف ٍ
بانتِظار ِ رَجُل ٍ يَستَنشِقَها..
في بُعدِكَ ،
كُلُّ الهَدايا صامتة ٌ
وتِلكَ اللُعبَةُ السَمراءُ تَبكينا..
يُكَحِّلُ اللَيلَ المُتعَبَ جِفنيَّ
بالسُهى المُنتَحِرِ ،
بالأرَقِ المُستَبِدَّ ،
بالجَسَدِ الذي تَقرَعُ طُبولَه ُ ارتِجافاً وبَرداً ،
بِصواعِقِ صَوتِكَ التي ما زالَت تَدورُ بِرأسي ..
تكرِّزُ نَبضاتي
كَحَب ِّ عَبّادِ النارِ..
فنَتَزَوَجُ خِنجَرَنا..
آه ٍ ،
مَطعونة ُ حتى الأبهَرِ
والخِنجَرُ الذي قَتلتُكَ بِهِ
ما زالَ يُغازِلُ أجزائي
المُلَّفَعةَ بِنار ِ الصَبرِ
المُضَرَّجَةَ بِدَم ِ الاحتضار ِ..
كُلُّ آهاتك مؤودةُ
بالصَدى الغائِبِ..
وكُلُّ الطَلاسِمِ
تُبعثِرُني نَحوَ ذاكِرَتِنا الصادِئةِ..
هَجَرني طَيفُكَ مُذْ رَحّلتُكَ بِجوازِ الاختيارِ
في مَحطة ِ انتحارنا المُشتَركِ..
وَهَجَرَني حتى الزَهايمَرُ الذي ،
يِسكُنُني مُنذُ عِشرونَ وخَمسُ..
ها أنا ذا ،
أنتَظِرُ رَحيلَ رَحيلِكَ
وأغتَبِطُ بِبسمَتِكَ المَفقودةِ
وأرقِّــعُ ما استَطعتُ تَرقيعَه ُ
مِن صَندوق ِ (بندورا) الوابئ..
بِروحي المَنفيةِ ،
بِروحِكَ اللا وَطَن ،
بِعيوننا المُستكشِفةِ النَزِقةِ..
سأظلُّ أهوي نَحوَ صَمتِكَ الجارِحِ
حتى أموتَ أو أهلِكَ دونكَ..
لَعلَّ النُبوءة َ الأخيرةَ تتحقَق
وأسمَعُ خُطوتَكَ الهامِسةً نَحوي
خَلفَ أبوابِ المُستحيلِ السَحيقة ِ
ها أنا ذا ،
أهوي ، نحو المجهولِ المَهولِ الأسوَدِ
أنا أهوي ، نحوَ الأرضِ التاسِعةِ
التي تفتحُ ذراعيها اللاحانيَتَينِ..
لعلّ النبوءةَ تتحقَقُ
وأنا أهـــــــوي..
ستدجَنُّ أعماقكَ ، هاويتي ،
سَتُدجِنُها بالصَمتِ الليليّ الأليَلِ
وتُدجِنُها بالصَبرِ الأعشى
المُستوحِشُ غُربَتَنا المُعتَقَلةُ
في زِنزاناتِ الأشواقِ ، المَنفيةِ ..
أفياء الاسدي
التعليقات
الاسم: |
نزار حاتم |
التاريخ: |
2015-09-09 21:03:20 |
|
بلا رتوش ولا ممالأة لم أعثر على شاعرة عراقية في الراهن العراقي مثل الشاعرة أفياء الأسدي ، لما امتازت به من حساسية شعرية عميقة ، وبناء شعري لا أشك في أنها قد تعبت عليه لاسيما من حيث اللغة وانتقاء المفردة الموحية ،، وللأستدراك أؤكد أن عدم عثوري على مثلها ربما يعود الى تقصير مني مع إدراكي أن هناك أخريات مبدعات قد فاتني أن أقرأ لهن . وفي هذا النص لا أدري لمَ فات الشاعرة أفياء " منذ عشرون وخمسُ ) بدلا من " عشرين وخمسٍ " |
|
|
افياء الاسدي غاليتي راقت لي حروفك وكلماتك واحساسك المرهف
وجدت نفسي اقرا النص مرات دون ان ادري يالروعتك
دمت مبدعه |
|
|
نص باذخ في هندسته الايقاعية .مموسق بفنية رائعة .فيه الكثير من الاشتغال فيكسر الرتابة ويزرع الدهشة. محبتي جوتيار |
|
|
تحياتي لك وسؤال يطوف في خاطري انت لمن تكتبين ؟
|
|
|
الاخ محمد حنش .. شكرا لذوقك النبيل .. تحياتي واحترامي |
|
الاسم: |
محمد حنش |
التاريخ: |
2013-01-12 14:11:52 |
|
مبدعة .. يا شاعرة الحركات .. دقيقة في نصوصك دائما وتميزك عن غيرك هي الضمة والفتحة والكسرة والنصب والمجرور دمتي مبدعة بهذه الحركات |
|
|
صفاء سعدي مزهر المعموري
شرّفني مروركَ سيدي النبيل أصبحتُ أشكُّ أيضاً في شكّكَ إن شككتَ !!
احترامي لذائقتكَ العذبة ولكَ محبتي و ورودٌ أينما كنتَ |
|
|
عيسى القريشي
شكراً لذوقكَ ، احترامي |
|
|
عامر رهك الربيعي
الله عليكَ سيدي ، سلِمتَ |
|
|
أصبحت أشك .. ان النبوءة .. قد تتحقق .. رغم إيماني بها .. ورغم إنها تسير .. على طريق اليقين .. أقدامها الغيوم .. وأرضها من شوك .. والبحر من ورائي .. والبحر من أمامي .. والعدو .. أنا .. أصبحت أشك .. بأني .. أنا .. وأشك في شكي .. وأشك بأني أشك .. أصبحت أشك ..
صفاء سعدي مزهر المعموري صحفي / قاص / شاعر / مصور فوتوغرافي 1 / 12 / 2012
|
|
الاسم: |
عيسى القريشي |
التاريخ: |
2012-11-09 08:30:27 |
|
الله مااروع احساسك يافياء ومااروع اسمك |
|
|
الله يا لهذا الثراء الموغل سحرا أحسنتِ |
|
|
غاليتي زهراء سَلِمتِ وسَلِمَ نبضُكِ الحَبيب ، لاعدِمتُكِ ،كزَهرة ٍأنتِ تَعبـِـقُ بالجَمالِ.. كلُّ الحُبَّ لكِ |
|
الاسم: |
سجاد السيد محسن |
التاريخ: |
2012-09-26 12:23:17 |
|
وكيف يكون الانهزام ؟ |
|
الاسم: |
زهراء |
التاريخ: |
2012-09-10 21:36:37 |
|
مطعونة من الورد . . . الى الى الوريــــد منك واليك هذه الكلمات .. كلمات ليست كالكلمات معشوقتك .. زهراء |
|
الاسم: |
جبار ثابت |
التاريخ: |
2012-08-29 02:35:40 |
|
تكتبين بوجع ,ونحن نحلق بفضاء ابداعك . |
|
|
ما اجمل ما قرأت ابداعك متواصــــل تحياتي لانامل ابهرتنا |
|
|
الاديبة افياء الاسدي
نص مفعم بالالم وجمال الصور
جعفر |
|
|
وحلَّ الصَمتُ على الصَمتِ كأنَّ الخُرافَةَ أمسَتْ هُنا وَكُلُّ التماثيلِ الوثَنيةِ المُبرقَعةِ ، أغدَتْ آلِهة ً تتشفّى..
سلمت يداك على جميع التعابير الشيقة الجميلة مودتي إلهام
|
|
|
شكراً لنثر زهوركم يا أحبتي ، لكم مني ورودٌ من حدائِقِ قلبي ، رغم ان اريجَ حروفكم يطغي على عطرِها .. محبتي الدائمة لكم ، واعتزازي
.......... ............. .......
سجاد السيد محسن ، فعلاً أنتَ لا يُرَدْ عليكَ عزيزي .. |
|
|
لا اريد شوب كلماتك بتعليق.. الصمت انقى اذا في قلبه التصفيق. تحيتي لك.. الاديبة الاريبة افياء الاسدي. |
|
|
تَركتُكَ عِندَ النارِ.. وَديعةً وأنتَ تَرتَدي جَمرَ البُرودِ الوِجدانيّ.. ................................ مَطعونة ٌ مِنَ الوَردِ إلى الوَريدِ.. ............................... لَكِ هذِهِ الأحرُف شُعلة قَد تُطفِئ الدَجنة فِي عمقي ............................... إسمَحي لِي بِكتابَة ما جال فِيّ حِين قِراءَتي لِلمَرة الأولى عَلَي حِين أُعيدُ القِراءَة أجدُ شَيئَا جَديدَاً مِن ذاكَ الوَجع الموسوم بِالدَجنة لَيتَ تِلكَ الأوتارُ أطرَتني وَ لَو بِنَغمٍ حَزين يا صَديقَتي قُطِعَت و أمسى اللَيلُ جافاً كَالرَعدِ باسِقاً دَجنَتَهُ كَالأيتام يَأنُ مَعي دَجنَته اللا مُتناهية يَلوحُ أُفقُ الدُنيا مِن جَديد لِأراه أكثَر دَجنَةٍ مِن ذي قَبل أهمِسُ بِقلبي مَوت ... مَوت ... مَوت لَيتَني لَم أعُد بَل لَيتَني لَم أكُن بَل لَيتَني كُنتُ لَم أعًد كان مُمكن أن تَلتَحِفُ شورِابي كأسَاً مِن ذاكَ الخَيال
يا صاحبتي الغالية أفياء |
|
|
احتجت لقراءته ثانيةً, لألملم أطراف حديثكِ المتراميه ,, دمتي متألقة صديقتي !! |
|
الاسم: |
فراس حمودي الحربي |
التاريخ: |
2012-08-25 15:37:35 |
|
ها أنا ذا ، أهوي ، نحو المجهولِ المَهولِ الأسوَدِ أنا أهوي ، نحوَ الأرضِ التاسِعةِ التي تفتحُ ذراعيها اللاحانيَتَينِ.. لعلّ النبوءةَ تتحقَقُ وأنا أهـــــــوي.. ستدجَنُّ أعماقكَ ، هاويتي ، سَتُدجِنُها بالصَمتِ الليليّ الأليَلِ وتُدجِنُها بالصَبرِ الأعشى المُستوحِشُ غُربَتَنا المُعتَقَلةُ في زِنزاناتِ الأشواقِ ، المَنفيةِ ..
...................... ///// أفياء الاسدي الاميرة السومرية الصديقة والزميلة الرائعة هكذا كما عهدت ابداعك الالق الله سلمت الانامل بما خطت من رقي ابداعها وتألقها الدائم دمت
تحياتي فراس حمودي الحربي ................................. سفير النوايا الحسنة
|
|
الاسم: |
سعيد العذاري |
التاريخ: |
2012-08-25 07:51:06 |
|
الاديبة الواعية افياء الاسدي رعاك الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع شاعري وشعر رائع في ارائه وافكاره وتفاصيله والى مزيد من الابداع
|
|
|
قلت لك بالامس ..سأغنيك بكل الالات الموسيقية..وسأكتب الشعر فيك حتى الرقص..يا امرأة قتلتني مرتين ..رائع افياء |
|
الاسم: |
سعد محمد |
التاريخ: |
2012-08-25 05:06:20 |
|
قصيدة نثر من الطراز الأول |
|
الاسم: |
سجاد السيد محسن |
التاريخ: |
2012-08-25 00:54:24 |
|
نص بطعم الخاطرة
لست بحاجة الى ردك على تعليقي انا اعلق لكل ما اقرا |
|
الاسم: |
نوفل الفضل |
التاريخ: |
2012-08-25 00:43:18 |
|
مين قدك ياشيخة |
|