ملحمة الارض
النفطُ حليبٌ أسودٌ
لم يشبعنا ونحنُ صغارٌ
ليحرقـَنا كبارا
عند تراب ِ السواتر ِ الندية
بدماءِ رياحين ِ الامهات ِ
اللواتي احمرَّت عبائاتهنَّ
تحت حَرّ الجبهات
ولهيب ِ الامنيات ِ
باحتضان ِ ما تبقى من ورود ٍ
غادَرَت ْحدائقَ
الدنيا عند بوابةِ الشرق ِ
ليلة َ الهجوم
على شتلات ِالسنابل ِ
الآن ترتجف الاجساد
على لحنِ (صور من المعركة)
التي جعلتنا ننام والحبيبات
بأحذية القتال ِ
من جديد
آلافٌ من النساءِ
الملتفاّت ِبلون الليل ِ
الثقيل المجلجلِ بالحديد ِ
وصبيةٍ كفراشات الحدائق
حينما يلمها برد المساء
لايعرفونَ عن بغدادَ
غيرَ النهضةِ والعلاوي
والفنادق ِ الرخيصة ِ الملتفّةِ
حول دوائر التجنيد ِ
والقليل من الحقائق ِ
عن فلم ٍ هندي تعرضه
سينما (قدري ) للاسبوع الألف
والتبرّك بحديقة الزوراء
يتقاطرونَ على دوائر السَوق ِ
كأنهم فيضانُ سيل ٍ
بشري يعوم على امتداد (الكراجات)
التي غصَّتْ بالقبعات ِ الحمر ِ
وفرق ِ الموتِ الزيتونيةِ
منتظرين ان يتحولوا الى رقم ٍ
على لا ئحة الجنود
كي يُلقى بهم الى أتون الموت
عند المقابر العارية
الممتدة عبر الحدود
صبايا تفترش الإسفلتَ
أو تتراقصُ على حمم ِ
الجمر ِِ الاسفلتي الاسودِ
كي تبيعَ السجائرَ
صبايا
لاتحلم ببياضِ الأحصنةِ
أو قبلات ِ الفرسان ِ
حلمٌ وقد لا يتحقق
يدور فيما بين ابتسامةِ السائق ِ
أو عريس ٍ من تلك العساكر......
هذا إن عاد احدهم بحق
عند انتصاف ليل ِ العراق ِ
تزحفُ العرباتُ الحبلى بالنارِ ِ
كانها مشاعلٌ تتدحرج
على فوضى الطرقات ِ المغسولة ِ
ببقايا الماء المنقوع ِ بطعم الشاي
انسكبتْ من اقداح ٍ
قد لا تُقبّل شاربيها
بعد هذا المسار ِ
زحمةٌ وليلٌ وفتيةٌ
يتناولون العشاءات ِ الاخيرةَ
عند الصلواتِ الأخيرةَ
فغدا يستبيحُ الموتُ الخنادقَ
حينما تبَكي البنادقُ
أغنية َالارواح ِ الصغيرة ِ
تحت راياتٍ وأشرطةٍ وبيارقَ
كبَّرتْ فيها البيادق
لتنسلَّ بين المربعاتِ السوِد ِ
نحو المفارق ِ التي أُعِدَّت كي يدافعَ
دونها القائد ُعن شرف ِ الغجرية ِ
الذي استباحه الطبّال ُ
حينما تعوي الربابة ُ
على وتر ِ القتال
الآن
يتساوى النصر ُ المؤزّر ُ والانكسار ُ
أما هناكَ حيث يتحول ُ الانسان ُ
الى مزار ٍ
عند البوابة ِالشرقية ِ
المقوّسة ِبالموتِ والترمّلِ والدمار ِ
فبيعَتْ الآلافُ من أمتارِ ِ
الخامِ الاسودِ وبدلة ُ عُرسٍ واحدةٍ
لعريسٍ غادرَ َ قبل أن يُباركـَه النهار ُ
بانقضاء ِ الليلة ِ الأولى والوحيدةِ
كي يلحق َ بالقطار ِ
المغادر ِ نحو مهرجانات ِ الموت
عند بوابة ِ السيّاب ِ
التي تنوح ُفوق َ الاغترابِ
موتٌ بلا أنين
حينما تُتركُ الورودُ مذبوحةً
على محرابِ الرغبات ِ
كي ننتخي َ ملحمة َالوطن ِ
موت ٌبلا عذاب ٍ
كل ّ البلدان ِ ترويها دماء ُ العدو ِ
وتزهر ُ عند حدود ِها دماء ُ الشهداء ِ
إلا العراقَ
فقد اسكرتـْه ُدماء ُالرجال ِ
وأطربـَه ُ نشيج ُ النساء ِ
ولم يُقتَلْ عند حدودهِ عدو ٌ
على الرغم ِ من وفرة ِ الاعداء ِ
علي الحسناوي
التعليقات