المؤتمر الوطني والتدخلات الخارجية
قبل اكثر من شهرين توقعت ان المؤتمر الوطني الذي مازال "مزمعٌ انعقاده" بأنه لن ينعقد قبل توفر امرين مهمين اولهما تبادل الثقة "الحقيقية" بين الشركاء المختلفين وثانيهما الجدية "الحقيقية" في تجاوز تلك الازمات وتوفير الجهود والتصريحات والاجتماعات وحتى الاموال التي تبذل على تلك الخلافات الى قضايا تهم المواطن وتلامس معاناته وتعيش آلامه و ازدحامات شوارعه... عندها طرحت هذه الرؤية في حوار سياسي متلفز مع اعضاء في مجلس النواب العراقي بعضهم كان متفائلاً حد ان انعقاد المؤتمر الوطني وحله لجميع المشاكل مثّلَ بالنسبة له من المسلمات كخروج الشمس في رابعة النهار ومغيبها في غياهب الليل.. اخرون شاطروني الرأي بتفاؤل حذر.
كل ذلك لم يكن بمنأى عن التدخل السياسي وحتى الامني الخارجي بالملف العراقي وتحريك اوراق الخلاف بين شد وجذب لهذا وذاك وهذا ما عطل وسيعطل بل وسيأزم اي خطوة واقعية لتجاوز المشكلات في البلاد، باعتبار ان ما نعيشه اليوم من تأزم سياسي ليس نتاج اللحظة، او ان قضية الهاشمي او المطلك او وزيري الداخلية والدفاع هم اسباب الازمة بل ان اصل المشكلة هو ذات التدخل الخارجي الذي ما انفك يأزم الاوضاع.. و الا ماذا نسمي ان ترسل دولة قطر الخليجية "الصغيرة في تأريخها وحجمها وكل شي بأستثناء تدخلها السلبي بشؤون الاخرين" طائرة الى شخص بحجم السيد طارق الهاشمي المطلوب للقضاء العراقي بتهم ليست تهم مخالفة مرورية او العبور من غير مناطق العبور بل بتهم قتل وتفجير واغتيال، وتهم في القانون الجنائي تمثل اخطر انواع التهم، وماذا نسمي ان تمارس تلك الدولة الخليجية دور المدافع عن الاخر. جزء من المشكلة هو ان دولاً باتت تفكر نيابة عن دول اخرى، بل وشعوب وطوائف وقوميات اخرى تاركة او مرحلة عن قصد مشاكلها الداخلية اذ لا تكاد تخلو دولة اليوم من مشاكل داخلية ومنها قطر والسعودية والبحرين وايران وتركيا.
محاولة إلغاء الاخر والتفكير نيابة عنه واصدار القرارات والاوامر سببت تقاطعات سياسية واسعة في العلاقات الدولية العربية ومنها انسحبت بشكل كبير على تقاطع الرؤى السياسية العراقية بسبب لجوء العديد من الاحزاب والكتل السياسية الى تلك الدول وهذا الامر لن يتم تجاوزه ما لم تتم معالجة المشكلة من جذورها.. لأننا حتى اذا وضعنا حلولاً لما يُطرح من مشاكل اليوم فأنها لن تكون سوى حلولاً وقتية مهيئة للاختلاف مجددا عند حصول اول خلاف سياسي.. فلا اعرف الى اي مدى يمكن ان ينجح سياسيونا بالتفكير اصالة عن انفسهم ولا يدعوا الاخرين يفكرون نيابة عنهم.
علاء هادي الحطاب
التعليقات