الساعة.. قصة قصيرة
كنتَ دائما توصي ولدك الوحيد بالصبر..تعلّمته من أبيك الذي كنتَ ترافقه الى سوق الأعظمية ظهر كل خميس، فرحانا كأنك ذاهب الى مدينة ألعاب..دافعا عربة التسّوق الخشبية الصغيرة أمامك، غير مصدّق أن اباك قرّر أن يأخذك اليوم معه حيث السوق وأصدقاء المحلّة، الذين قد تلتقيهم فتلعبون الدعابل أمام محل القصّاب أموري..تراقب الناس وتتعلّم مساومات شراء الخضار والفاكهة..لم تنسَ أن تسأل في تلك الظهيرة وساعة جامع الأمام الأعظم تدّق في رأسك معلنة أنتصاف النهار..عن الفرق في التوقيت بين ساعة أبيك وساعة الجامع..أنتبهت لذلك عندما سحبت يد الوالد ونظرت في أميال ساعته القديمة التي يعتز بها..
_أنظر يا أبتي..ساعتك تسبق ساعة الجامع بخمس دقائق..لقد أنتصف النهار الآن..
كانت ساعة جامع أبو حنيفة تملأ وجوه الناس من كل جانب..مرتفعة عالية فوق منارة ذات طراز غريب لم ير مثله في جوامع المدينة..أخبره الوالد وهو في طريق العودة للبيت بعد أن صرف عشرة دنانير كاملة في السوق، أن الساعة كانت يوما منصوبة في حديقة معرض قرب باب المعظّم وأن صاحبها الحاج محسوب الساعاتي الأعظمي كان قد فارق الحياة قبل ان يرى ساعته في مقامها على منارة الجامع..
يتلّهف اليوم لزيارة الأعظمية..المدينة والمحلاّت القديمة والجامع الحنيف..مع ولده الذي كبر في الغربة ولكنه لم ينس ساعة لا زالت دقّاتها تذكّر الناس بأن الزمن الآتي لن يكون مثل الذي مضى..
د. عامر هشام الصفّار
التعليقات
|
أخي أحمد..شكرا على مرورك..هذه هس سنّة الحياة..لابد من مواجهة التحدي..والزمن وحده الكفيل بكشف النتائج. تحياتي |
|
الاسم: |
احمد رسن |
التاريخ: |
2012-03-28 12:31:04 |
|
( بأن الزمن الآتي لن يكون مثل الذي مضى ) ... هذه هي الثيما ، هذا جوهر القصة كما ارى ، لكن كم من الناس من يرى ذلك ، من يعتقد ويؤمن به ويعمل عليه ، ذلك هو التحدي .
مودتي الخالصة |
|