سحابة خوف
مَرّوا عليهِ ، فما أبـقى لهمْ أثرا
مرّوا ، فكانَ كغيم ٍ أنكرَ المَطرا
مروا فأخرجَ منْ أضلاعهِ قمرًا
وَجَرَّدَ الليلَ منْ ظلمائهِ وَسَرى !
وَرَاحَ ينحتُ مِنْ آمالهِ وَطـَنـًا
يحنو فينزف كونـًا ناعمًا وقـُرى
وظلَّ يرقبُ أحلامًا مؤجلة ً
فـَمَاتَ ميعادُهُ في الظلِّ وَانهَـمَرا
يَمرُّ كالريح ِ لا يَـلوي على وَجَع ٍ
وَلا يُطـأطئُ جرحًا نازفـًا كِبَرا
يُؤطرُ الأملُ المَكبوتُ مُقلتـَهُ
لتـَستـَفيقَ رَذاذا يـَعبرُ الأطـُرا !
حتى إذا عَبثَ الطوفانُ في فمهِ !
وأومأ الليلُ أن كونوا لهُ عِبَرا
نامتْ مدينـَتـُهُ الخـَرساءُ في دَمهِ
وَرَاحَ يطرقُ بابَ الصمتِ ، فانكسَرا !
مَـروا عـليهِ فأحيا دَمعَـهُ قـلمٌ
يجري كتهـمةِ قلـبٍ ماتَ مُنتحِرا
رأوا على وَجههِ : سورًا ، وَمَلـحَمَة ً،
وَبعضَ خوفٍ سَقـاهُ الوجدُ فاندثرا
وأسْطرًا نبتـَتْ في وَجْهِ صورتهِ
ما زالَ يحصدُ منها الخوفَ والحَذرا
فجرًا يُسـلـِّمُ للجلادِ مُهجتـَهُ
كـي لا يُحسَّ بهِ ليـلٌ إذا عبرا !
تكادُ تبتدعُ الأيَّامُ قصَّـتـَهُ
حتـّى توارى فعادَ الفجرُ مستـتـرا
لمحتـُهُ وَدموعُ الغيـم ِ تـَسْـترهُ
ليستعيدَ زَمَانـًا ذابَ مُختـَصَرا
ربَّاه ، كيفَ يكونُ العمرُ أجمعهُ
أسمالَ صَوتٍ تميـتُ الماءَ والشجرا ؟
كيفَ استحالَ صَفاءُ الروح ِ في قـيمي
نارًا تـُشابهُ في ظلمائِها سَقـَرا ؟
وكيفَ يصبرُ ظمآنٌ عـلى عَطـَش ٍ
يَرَى سَرابـًا فينسى الوَهمَ والقدَرا ؟!
كمْ ألفِ (كيفٍ) لنا في اليوم ِ ننزفـُها
دمعًا سخيًا ، أصارَ الحزنُ مبتكرا ؟!
وكمْ تـفـَجَّـرَ في أعمَـــــاقِـنا خبرٌ
حتـّى ظنناهُ خيرًا ذلكَ الخبرا
مروا كناي ٍ نأى يَشدو بمحنتهِ
فاسْتوقفتهُ عيونٌ تنزفُ البَصَرا
تطاولتْ عينـُه ُ اليسرى فأحزَنها
شوقٌ إلى أختِها بالضوء هلْ سَترى ؟!
وعانق الصوتَ صوتٌ ثارَ مخترقـًا
ليلَ المساكين ، والنايات ، والعُصُرا :
أنا بقيـَّـة ُ مَجدٍ لستُ أذكرهُ
أنـا سَحابة ُ خوفٍ تكرهُ المَطرا !
حسام لطيف البطاط
التعليقات
الاسم: |
مصطفى ملح |
التاريخ: |
2012-08-20 16:39:49 |
|
الأخ الشاعر حسام لطيف.. ركوب موفق على أمواج البسيط.. أنت شاعر تتوغل في الأبجدية عميقا.. واصل التوغل |
|
|
أنا بقيـَّـة ُ مَجدٍ لستُ أذكرهُ
أنـا سَحابة ُ خوفٍ تكرهُ المَطرا ! لك مني تحية اجلال ووقفة تأمل وانت تعزف على وتر الخلود ابدعت شعرا واوجزت فكرا خالص ودي ومحبتي |
|
|
نامتْ مدينـَتـُهُ الخـَرساءُ في دَمهِ
وَرَاحَ يطرقُ بابَ الصمتِ ، فانكسَرا !
مَـروا عـليهِ فأحيا دَمعَـهُ قـلمٌ
يجري كتهـمةِ قلـبٍ ماتَ مُنتحِرا
رائع هذالكلام ودمت جميلا شاعراً
صديقك العراقي عباس محسن/ مترجم |
|
|
أخي علي البطاط شكرا لك أيها العزيز إن كلامك شعر يا صاح |
|
|
سيدي العزيز جمال مصطفى رأيك يشرفني ولا يسعني إلا أن أضعه وساما على صدري |
|
|
بسمه تعالى
أخي الشاعر المقتدر حسام
شعرك فيه نفس وروح
وموسيقى عذبة
اتمنى لك النجاح ودوام الابداع
مع خالص تحياتي |
|
الاسم: |
جمال مصطفى |
التاريخ: |
2011-02-18 22:45:53 |
|
أنا سحابة خوف تكره المطرا ما اجمل هذا الشعر حسام لطيف البطاط لا يكتب قصيدة عمودية تقليدية بل يسبغ على القصيدة العمودية نكهة خاصة به لغته لغة مقتدر وموسيقى شعره تنم عن متمرس بارع.
حسام لطيف حتى اسم الشاعر يكتنز صورة شعرية جميلة
خالص محبتي واعجابي وتحياتي للشاعر المبدع حسام لطيف البطاط |
|